حول الصرع واعراضه
من
الأمور التي نطق بها الوحي بدلالة أكيدة وشواهد عديدة مسألة الصرع وتخبط
الجن للإنس ، ومن هذا المنطلق فسوف أعرج على هذا الموضوع لأهميته والتقائه
بأمور العقيدة ، وارتباطه الوثيق بالرقية الشرعية ، ولإنكار فئة ليست قليلة
وجود الجن أصلا ، ناهيك عن إيذائهم وصرعهم وتلبسهم بال...إنس.
قال الدكتور عبدالكريم نوفان عبيدات : ( والصرع عبارة عن اختلال يصيب
الإنسان في عقله ، بحيث لا يعي المصاب ما يقول ، فلا يستطيع أن يربط بين ما
قاله وما سيقوله ، ويصيب صاحبه بفقدان الذاكرة نتيجة اختلال في أعصاب المخ
، ويصاحب هذا الاختلال العقلي اختلال في حركات المصروع ، فيتخبط في حركاته
وتصرفاته ، فلا يستطيع أن يتحكم في سيره ، وقد يفقد القدرة على تقدير
الخطوة المتزنة لقدميه أو حساب المسافة الصحيحة لها 0 ومن مظاهر الصرع
عملية التخبط في الأقوال والأفعال والفكر ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب
والسنة – ص 252 ) 0 وتلك القضية مما تنازع فيها الناس ، فأثبت السلف
وغيرهم صرع الجن للإنس ، وأنكر من غير السلف بل من الفلاسفة والمعتزلة ذلك ،
وعزا المنكرون سبب الصرع نتيجة لتصاعد الأبخرة والأخلاط الرديئة إلى المخ ،
فيصاب الإنسان نتيجة لذلك بحالة عصبية يفقد معها المصاب عقله ، فيتخبط في
حركاته وتصرفاته 0 المس لغة : مس الجن للإنسان 0 قال ابن منظور Sad ثم
استعير المس للجنون كأن الجن مسته يقال به مس من جنون ) ( لسان العرب – 6 /
218 ) . المس اصطلاحا : ( هو تعرض الجن للإنس بإيذاء الجسد خارجيا أو
داخليا أو كليهما معا ، بحيث يؤدي ذلك لتخبط في الأفعال مما يفقد المريض
النظام والدقة والأتاة والروية في أفعاله ، وكذلك يؤدي للتخبط في الأحوال
فلا يستقر المريض على حالة واحدة ). قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق
المبين Sad والمس اصطلاحا : أذية الجن للإنسان من خارج جسده أو من داخله أو
منهما معا ، وهو أعم من الصرع ) ( فتح الحق المبين – ص 61 ) * قال تعالى :
( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي
يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) ( البقرة – الآية 275 ) 0 قال
ابن كثير Sad أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال
صرعه وتخبط الشيطان له ، وذلك أنه يقوم قياما منكرا ) ( تفسير القرآن
العظيم – 1 / 334 ) 0 * قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا
مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
) ( الأعراف – 201 ) 0 قال ابن كثير Sad ومنهم من فسر ذلك بالغضب ومنهم
من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 267 ) 0 *
أدلة صرع الجن للإنس من السنة المطهرة : أما الأحاديث النبوية الدالة على
إيذاء وصرع الجن للإنس فهي كثيرة أورد منها الآتي :- 1)- عن عطاء بن رباح
قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنه – : ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟
قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :
إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن
شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي
أن لا أتكشف ، فدعا لها ) ( متفق عليه ) 0 وهذه المرأة اسمها أم زفر كما
روى ذلك البخاري في صحيحه عن عطاء ، والظاهر أن الصرع الذي كان بهذه المرأة
كان من الجن 0 قال الحافظ بن حجر في الفتح ( وعند البزار من وجه آخر عن
ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني ، -
والخبيث هو الشيطان - فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة
فتتعلق بها 000 ثم قال : وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم
زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط انتهى ) ( فتح الباري – 10 / 115 ) 0
2)- عن ----- قال ( أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها طيف –
أي مس من الشيطان - ، فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يشفيني 0 قال : "
إن شئت دعوت الله عز وجل فشفاك ، وإن شئت فاصبري ، ولا حساب عليك " 0 قالت
: أصبر ، ولا حساب علي ) ( أخرجه الإمام أحمد والحاكم في المستدرك ، وقال :
صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ) 0 3)- عن أم أبان بنت الوازع بن
زارع بن عامر العبدي ، عن أبيها ( أن جدها الزارع انطلق إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له - قال جدي : فلما
قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن معي ابنا لي أو ابن
أخت لي – مجنون ، أتيتك به تدعو الله له ، قال : ( ائتني به ) ، قال :
فانطلقت به إليه وهو في الركاب ، فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ،
وألبسته ثوبين حسنين ، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، فقال : ( ادنه مني ، اجعل ظهره مما يليني ) قال بمجامع ثوبه من
أعلاه وأسفله ، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه ، ويقول : أخرج عدو
الله ، أخرج عدو الله ) ، فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول 0 ثم
أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، فدعا له بماء فمسح وجهه
ودعا له ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله يفضل عليه ) ( رواه
الطبراني ) 0 قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات Sad فهذا الحديث قد دل
على أن الشيطان يصرع الإنسان بحيث يصير مجنونا ، فقد انطلق الوازع بابن له -
أو ابن أخت له - مجنون - كما جاء في الحديث ، حتى جاء به إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجعل يعالجه عليه الصلاة والسلام ويضرب ظهره وهو يقول
للشيطان : " أخرج عدو الله ، أخرج عدو الله " وفي هذا دليل على أن جنون
الصبي كان بفعل صرع الشيطان له ، فما كان الشيطان يملك إلا أن يطيع المصطفى
- عليه الصلاة والسلام - فيخرج من الصبي ، فيعود مشافى معافى ، ليس في
القوم أحد أفضل منه ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 265 - 266 ) 0
4)- * عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال : ( رأيت من رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي ، لقد خرجت
معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ،
فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في
اليوم لا أدري كم مرة ، قال Sad ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعله بينه
وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثا ، وقال : ( بسم الله،
أنا عبدالله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( ألقينا في
الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) ، قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها
في ذلك المكان معها ثلاث شياة ، فقال ( ما فعل صبيك؟ ) فقالت : والذي بعثك
بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم ، قال : انزل خذ
منها واحدة ورد البقية ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة – 1 / 874 ، 877 ) 0
يقول الدكتور عبد الحميد هنداوي المدرس بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة –
ردا على صاحب " الاستحالة " : ( 00 وبذلك جعل الاختلاف في اللفظ من قبيل
الاضطراب الذي يرد به الحديث !! وليس الأمر كذلك ، وذلك لأن تفل النبي صلى
الله عليه وسلم في جوف المريض في هذا الحديث ، وتوجيه الخطاب إلى الجني في
جوفه بأي لفظ كان لهو أقوى دليل على دخول الجني ، واستقراره في جوفه 0
فضلا عن أن لفظ : " اخسأ " يعني الطرد ، والزجر ، والإبعاد ؛ كما تبينه
المعاجم ، وهذا يدل على أن الجني إما مستقر في جوفه ، أو ملازم له مقترن به
، مماس له ، ولو من الخارج 0 ومعلوم أنه لو كان الجن خارجا عنه ما كان
النبي صلى الله عليه وسلم يتفل في جوف المريض ، بل كان يتفل حيث يستقر
الجني ) ( الدليل والبرهان على دخول الجان في بدن الإنسان -ص 8 ) 0 * عن
يعلى بن مرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه أتته
امرأة بابن لها قد أصابه لمم – أي طرف من الجنون - فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم :" أخرج عدو الله أنا رسول الله " 0 قال : فبرأ فأهدت له كبشين
وشيئا من إقط وسمن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا يعلى خذ
الإقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة –
1 / 874 – 877 ) 0 قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات Sad فهذه الأحاديث
بطرقها المختلفة قد دلت على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب الشيطان
الذي صرع الصبي وأفقده عقله ، بقوله له : بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ
عدو الله 0 فيعود الصبي وقد ذهب ما به ، وتهدي تلك المرأة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم كبشين وشيئا من لبن وسمن ، فيرد - عليه السلام -
الكبشين كما جاء في بعض الروايات ، ويأخذ أحدهما كما في روايات أخرى ،
ويأخذ اللبن والسمن ، ولعلها تكون حوادث مختلفة ، وهي تدل دلالة مباشرة على
أن شرار الجن يصرعون الإنس ، فيصاب المصروع بالجنون ، حيث يجعله يتخبط في
حركاته ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 267 - 268 ) 0 5)- عن
عثمان بن العاص - رضي الله عنه - قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله
عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0
فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن أبي
العاص ؟ ) قلت : نعم ! يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) قلت : يا رسول
الله ! عرض لي شيء في صلواتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0 قال : ( ذاك الشيطان
0 ادنه ) فدنوت منه 0 فجلست على صدور قدمي0 قال ، فضرب صدري بيده ، وتفل
في فمي، وقال : ( أخرج عدو الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات 0 ثم قال : ( الحق
بعملك ) ( صحيح ابن ماجة – 2858 )
من
الأمور التي نطق بها الوحي بدلالة أكيدة وشواهد عديدة مسألة الصرع وتخبط
الجن للإنس ، ومن هذا المنطلق فسوف أعرج على هذا الموضوع لأهميته والتقائه
بأمور العقيدة ، وارتباطه الوثيق بالرقية الشرعية ، ولإنكار فئة ليست قليلة
وجود الجن أصلا ، ناهيك عن إيذائهم وصرعهم وتلبسهم بال...إنس.
قال الدكتور عبدالكريم نوفان عبيدات : ( والصرع عبارة عن اختلال يصيب
الإنسان في عقله ، بحيث لا يعي المصاب ما يقول ، فلا يستطيع أن يربط بين ما
قاله وما سيقوله ، ويصيب صاحبه بفقدان الذاكرة نتيجة اختلال في أعصاب المخ
، ويصاحب هذا الاختلال العقلي اختلال في حركات المصروع ، فيتخبط في حركاته
وتصرفاته ، فلا يستطيع أن يتحكم في سيره ، وقد يفقد القدرة على تقدير
الخطوة المتزنة لقدميه أو حساب المسافة الصحيحة لها 0 ومن مظاهر الصرع
عملية التخبط في الأقوال والأفعال والفكر ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب
والسنة – ص 252 ) 0 وتلك القضية مما تنازع فيها الناس ، فأثبت السلف
وغيرهم صرع الجن للإنس ، وأنكر من غير السلف بل من الفلاسفة والمعتزلة ذلك ،
وعزا المنكرون سبب الصرع نتيجة لتصاعد الأبخرة والأخلاط الرديئة إلى المخ ،
فيصاب الإنسان نتيجة لذلك بحالة عصبية يفقد معها المصاب عقله ، فيتخبط في
حركاته وتصرفاته 0 المس لغة : مس الجن للإنسان 0 قال ابن منظور Sad ثم
استعير المس للجنون كأن الجن مسته يقال به مس من جنون ) ( لسان العرب – 6 /
218 ) . المس اصطلاحا : ( هو تعرض الجن للإنس بإيذاء الجسد خارجيا أو
داخليا أو كليهما معا ، بحيث يؤدي ذلك لتخبط في الأفعال مما يفقد المريض
النظام والدقة والأتاة والروية في أفعاله ، وكذلك يؤدي للتخبط في الأحوال
فلا يستقر المريض على حالة واحدة ). قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق
المبين Sad والمس اصطلاحا : أذية الجن للإنسان من خارج جسده أو من داخله أو
منهما معا ، وهو أعم من الصرع ) ( فتح الحق المبين – ص 61 ) * قال تعالى :
( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي
يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) ( البقرة – الآية 275 ) 0 قال
ابن كثير Sad أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال
صرعه وتخبط الشيطان له ، وذلك أنه يقوم قياما منكرا ) ( تفسير القرآن
العظيم – 1 / 334 ) 0 * قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا
مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ
) ( الأعراف – 201 ) 0 قال ابن كثير Sad ومنهم من فسر ذلك بالغضب ومنهم
من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 267 ) 0 *
أدلة صرع الجن للإنس من السنة المطهرة : أما الأحاديث النبوية الدالة على
إيذاء وصرع الجن للإنس فهي كثيرة أورد منها الآتي :- 1)- عن عطاء بن رباح
قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنه – : ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟
قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :
إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن
شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي
أن لا أتكشف ، فدعا لها ) ( متفق عليه ) 0 وهذه المرأة اسمها أم زفر كما
روى ذلك البخاري في صحيحه عن عطاء ، والظاهر أن الصرع الذي كان بهذه المرأة
كان من الجن 0 قال الحافظ بن حجر في الفتح ( وعند البزار من وجه آخر عن
ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني ، -
والخبيث هو الشيطان - فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة
فتتعلق بها 000 ثم قال : وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم
زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط انتهى ) ( فتح الباري – 10 / 115 ) 0
2)- عن ----- قال ( أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها طيف –
أي مس من الشيطان - ، فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يشفيني 0 قال : "
إن شئت دعوت الله عز وجل فشفاك ، وإن شئت فاصبري ، ولا حساب عليك " 0 قالت
: أصبر ، ولا حساب علي ) ( أخرجه الإمام أحمد والحاكم في المستدرك ، وقال :
صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ) 0 3)- عن أم أبان بنت الوازع بن
زارع بن عامر العبدي ، عن أبيها ( أن جدها الزارع انطلق إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له - قال جدي : فلما
قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن معي ابنا لي أو ابن
أخت لي – مجنون ، أتيتك به تدعو الله له ، قال : ( ائتني به ) ، قال :
فانطلقت به إليه وهو في الركاب ، فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ،
وألبسته ثوبين حسنين ، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، فقال : ( ادنه مني ، اجعل ظهره مما يليني ) قال بمجامع ثوبه من
أعلاه وأسفله ، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه ، ويقول : أخرج عدو
الله ، أخرج عدو الله ) ، فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول 0 ثم
أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، فدعا له بماء فمسح وجهه
ودعا له ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله يفضل عليه ) ( رواه
الطبراني ) 0 قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات Sad فهذا الحديث قد دل
على أن الشيطان يصرع الإنسان بحيث يصير مجنونا ، فقد انطلق الوازع بابن له -
أو ابن أخت له - مجنون - كما جاء في الحديث ، حتى جاء به إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجعل يعالجه عليه الصلاة والسلام ويضرب ظهره وهو يقول
للشيطان : " أخرج عدو الله ، أخرج عدو الله " وفي هذا دليل على أن جنون
الصبي كان بفعل صرع الشيطان له ، فما كان الشيطان يملك إلا أن يطيع المصطفى
- عليه الصلاة والسلام - فيخرج من الصبي ، فيعود مشافى معافى ، ليس في
القوم أحد أفضل منه ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 265 - 266 ) 0
4)- * عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال : ( رأيت من رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي ، لقد خرجت
معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ،
فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في
اليوم لا أدري كم مرة ، قال Sad ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعله بينه
وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثا ، وقال : ( بسم الله،
أنا عبدالله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( ألقينا في
الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) ، قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها
في ذلك المكان معها ثلاث شياة ، فقال ( ما فعل صبيك؟ ) فقالت : والذي بعثك
بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم ، قال : انزل خذ
منها واحدة ورد البقية ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة – 1 / 874 ، 877 ) 0
يقول الدكتور عبد الحميد هنداوي المدرس بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة –
ردا على صاحب " الاستحالة " : ( 00 وبذلك جعل الاختلاف في اللفظ من قبيل
الاضطراب الذي يرد به الحديث !! وليس الأمر كذلك ، وذلك لأن تفل النبي صلى
الله عليه وسلم في جوف المريض في هذا الحديث ، وتوجيه الخطاب إلى الجني في
جوفه بأي لفظ كان لهو أقوى دليل على دخول الجني ، واستقراره في جوفه 0
فضلا عن أن لفظ : " اخسأ " يعني الطرد ، والزجر ، والإبعاد ؛ كما تبينه
المعاجم ، وهذا يدل على أن الجني إما مستقر في جوفه ، أو ملازم له مقترن به
، مماس له ، ولو من الخارج 0 ومعلوم أنه لو كان الجن خارجا عنه ما كان
النبي صلى الله عليه وسلم يتفل في جوف المريض ، بل كان يتفل حيث يستقر
الجني ) ( الدليل والبرهان على دخول الجان في بدن الإنسان -ص 8 ) 0 * عن
يعلى بن مرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه أتته
امرأة بابن لها قد أصابه لمم – أي طرف من الجنون - فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم :" أخرج عدو الله أنا رسول الله " 0 قال : فبرأ فأهدت له كبشين
وشيئا من إقط وسمن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا يعلى خذ
الإقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة –
1 / 874 – 877 ) 0 قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات Sad فهذه الأحاديث
بطرقها المختلفة قد دلت على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب الشيطان
الذي صرع الصبي وأفقده عقله ، بقوله له : بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ
عدو الله 0 فيعود الصبي وقد ذهب ما به ، وتهدي تلك المرأة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم كبشين وشيئا من لبن وسمن ، فيرد - عليه السلام -
الكبشين كما جاء في بعض الروايات ، ويأخذ أحدهما كما في روايات أخرى ،
ويأخذ اللبن والسمن ، ولعلها تكون حوادث مختلفة ، وهي تدل دلالة مباشرة على
أن شرار الجن يصرعون الإنس ، فيصاب المصروع بالجنون ، حيث يجعله يتخبط في
حركاته ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 267 - 268 ) 0 5)- عن
عثمان بن العاص - رضي الله عنه - قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله
عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0
فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن أبي
العاص ؟ ) قلت : نعم ! يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) قلت : يا رسول
الله ! عرض لي شيء في صلواتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0 قال : ( ذاك الشيطان
0 ادنه ) فدنوت منه 0 فجلست على صدور قدمي0 قال ، فضرب صدري بيده ، وتفل
في فمي، وقال : ( أخرج عدو الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات 0 ثم قال : ( الحق
بعملك ) ( صحيح ابن ماجة – 2858 )