صدى الزواقين وزان وجبالة

صدى الزواقين Echo de Zouakine
صدى الزواقين وزان وجبالة echo de zouakine ouezzane et jbala

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين وزان وجبالة

صدى الزواقين Echo de Zouakine
صدى الزواقين وزان وجبالة echo de zouakine ouezzane et jbala

صدى الزواقين وزان وجبالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صدى الزواقين وزان وجبالة ذكريات تراث تقاليد تعارف ثقافة وترفيه


    الكسنزان وعلاج الامراض القلبية (في الميزان)

    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    الكسنزان وعلاج الامراض القلبية (في الميزان) Empty الكسنزان وعلاج الامراض القلبية (في الميزان)

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الأحد 12 يونيو 2011 - 20:20

    هذا الموضوع منقول للنقد والتمحيص لا للموضوع بذاته لكن للطريقة المذكورة

    الكسنـزان وعلاج الأمراض القلبية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]القلب عند أهل الطريقة له معنيان :
    الأول : هو اللحم الصنوبري الشكل ، المودع في الجانب الأيسر من الصدر ، وهذا القلب يكون للبهائم أيضاً، بل وللميت كذلك .
    وثانيهما : لطيفة ربانية روحانية ، لها تعلق بالقلب الجسماني كتعلق الأعراض بالأجسام ، والأوصاف بالموصفات ، وهو حقيقة الإنسان [1] .
    وهذا المعنى هو المراد كلما ذكر لفظ (القلب) في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، والى هذا المعنى أشار تعالى بقوله : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    [2] . فلو كان المراد بلفظ القلب في الآية الكريمة هو العضو اللحمي لدل
    ذلك على ان البعض يمكنهم العيش بدون هذا العضو وهو أمر محال ، ولهذا
    فالمقصود بالقلب في الآية الكريمة هو الجانب غير المادي في هذه المضغة .
    والقلب
    في المفهوم الصوفي لا يقل أهمية عن القلب بالمعنى البايولوجي ، فكما ان
    صحة القلب وسلامته من الناحية البايلوجية مهمة جداً ، وربما تكون الأهم من
    بين جميع الأعضاء في الجسم البشري ، فإن أهمية طهارة القلب ونقائه و سلامته
    من الناحية الروحية ( غير المادية ) لا تقل في الأهمية عنها ، وذلك لأنه
    وكما كان حضرة الرسول الأعظم ::ص:ك يعلم الصحابة الكرام ان القلب هو محل
    نظر الله إلى عباده ، فقد كان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يقول : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [3] .
    وهذا
    المحل أو الموضع غير المادي يشبه المضغة المادية في كونه معرض للعديد من
    الأمراض - غير البايلوجية طبعاً - كمرض الكبر أو الحسد أو العجب أو النفاق
    أو غيرها ، يقول تعالى مخبراً عن حال المنافقين : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [4].
    وهذه
    الأمراض التي قد تعتري القلوب يتوسع أثرها السيئ إلى جميع أنحاء الجسم
    الإنساني - المادي و غير المادي بحسب تعبير الطب التفاعلي - يقول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ
    كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ
    الْقَلْبُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    [5] .
    بمعنى
    ان المرض القلبي يؤثر على حياة الفرد كلها من حيث أقواله وأفعاله وأحواله ،
    وهذا بالطبع ينعكس على محيطه الذي يعيش فيه بالسلب ، ولهذا اعتنى القرآن
    الكريم والسنة النبوية المطهرة أيما اعتناء بصلاح القلوب ومحاولة شفائها
    وعلاجها من أمراضها الخفيه ، فقال سبحانه مادحا القلوب الصافية : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    [6] . وواضح من نص الآية الكريمة تفضيل الحق سبحانه لسلامة القلوب من
    الأمراض على كل شيء في الحياة ولو كانوا فلذات الأكباد . وما ذلك إلا لينبه
    على أثر القلب بالنسبة للفرد بشكل خاص والمجتمع الذي يعيش فيه بشكل عام .
    وهنا
    وحول هذه النوع من العلاج لسنا بحاجة إلى ذكر مدى تخلف الطب التقليدي في
    هذا المجال ، ولا نقول انه ينكر هذا النوع من (الأمراض القلبية) بل هو لا
    يعرفها أصلاً ، فهذا العلم فيه خلط كبير بينه وبين (الأمراض النفسية) ،
    فإذا كان الطب التفاعلي الذي يقول بتأثير بعض النواحي السيكولوجية على صحة
    الإنسان لم يعترف به رسمياً إلا قبل عقود قليلة ، فكيف يكون الحال مع أمراض
    لم يتطرق لها الطب التقليدي أصلاً ؟!
    على
    كل حال ، ان أمراضا مثل النفاق أو الحسد أو الشغف بحب الدنيا أو غيرها من
    الأمراض التي لها ما لها من آثار سلبية في المجتمعات الإنسانية .
    وقد
    توسعت كتب الصوفية في عرض هذه الأمراض من حيث المعنى والدرجات والأقسام
    وطرق العلاج وما إلى ذلك مما يمكن مراجعته في محله ، وما يهمنا هنا هو
    الأسلوب الروحي الذي تتبعه الطريقة الكسنـزانية في شفاء هكذا أمراض .
    ويبدو
    انه لا يختلف في شيء عن الأساليب التي اتبعتها الطريقة مع بقية الأمراض
    السابقة ، فالمساعدة الروحية من قبل مشايخ الطريقة هي الوسيلة الشفائية
    لجميع الأمراض وفي جميع الحالات ، إلا ان الفرق بينها جميعاً مسألة الوقت ،
    وهنا وبخصوص هذا النوع من الأمراض يشترط الإرادة ، أي ينبغي على المريد او
    من يريد هذا الشفاء ان يسعى في تطبيق أوامر شيخ الطريقة بحذافيرها ، كما
    يشترط عليه ان يكون ذو رابطة قلبية قوية مع الشيخ ، ومعنى هذه الرابطة هو
    الإخلاص في محبة الشيخ فوق كل شيء اقتداءً بقوله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [7] ،
    والشيخ
    في تعاليم الطريق بين مريديه كالنبي بين أصحابه ، فهذه الشروط ضرورية جداً
    في مسألة شفاء الأمراض القلبية ، لأنها من صميم السلوك في الطريقة ، وهو
    طريق يصفه الشيخ محمد الكسنـزان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بأنه « سهل لأهله وصعب على غير أهله » .

    الشيخ الحاضر وأثره المباشر في الشفاء الصوفي
    هناك عامل مهم جداً في علاج الأمراض القلبية والنفسية وهو ما يسمى بعامل
    (
    القدوة الصالحة ) حيث تتميز الطريقة بخاصية إعطاء المرضى والمريدين بل
    وحتى عوام الناس فرصة الإقتداء بالشخصية المثالية والتي يصطلحون على
    تسميتها في الطريقة الكسنـزانية بـ ( الإنسان الكامل ).
    ان
    فائدة القدوة الصالحة في الصحة النفسية والقلبية تتمثل في قولهم للإنسان :
    اذا أردت ان تتمتع بصحة نفسية وقلبية فعليك أن تسعى لتكون مثل الأنبياء
    والأولياء ، وهم في ذلك لا يكتفون في مقام التربية والمعالجة بالتنظير
    وإعطاء الأطروحات وإصدارات التعليمات أو النصائح والإرشادات من دون ان
    يشفعوه بمصداق جلّي للشخصية الكاملة السليمة متمثلة بشخص شيخ الطريقة .
    ان أدبيات الطريقة الكسنـزانية في مجال القدوة الصالحة تتمتع بـ :
    1.
    وجوب ان يكون للطريقة شيخ حي حاضر وارث للقوة الروحية الكاملة ممن سبقه ،
    ولا ينتقل إلى العالم الآخر الا بعد ان يورِّث تلك القوة إلى الشيخ الذي
    يليه .
    وبالتأكيد أن من يمتلك
    تلك القوة الروحية التي تسمى ( مشيخة الطريقة ) وهي القادرة على فعل
    الأعاجيب في الغير ، لا بد ان يكون حاملها ( وارثها ) هو الأولى في
    الاستفادة منها من حيث الكمال ، ويصح ان نصفه قائلين : أنه كامل بها مكمل
    لغيره بها أيضا .

    وقد جاء في كتاب الطريقة العلية القادرية الكسنـزانية عن هذه المسالة ما فحواه : إن شيخ الطريقة هو المأذون من الله تعالى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [8] . وهو الولي المرشد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ([9]) .
    وهو من أهل الصنع الإلهي الخصوصي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [10] وهو خليفة الله في الأرض [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [11] . وهو الجامع للأسرار الروحية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]([12])
    فمشيخة
    الطريقة أمر يختص به الله من يشاء من عباده الصالحين ليكون حاملاً أمانة
    الوراثة الروحية للأنبياء والأولياء والصالحين حتى يورثها لمن يليه قبل
    انتقاله إلى العالم الآخر[13].
    2.
    صورة ذلك الكمال النفسي والقلبي والروحي يتم التعبير عنها في الطريقة
    بمصطلح ( الفناء ) ، فالشيخ وبواسطة هذه القوة الروحية ( فانٍ ) في الشيخ
    الذي قبله ، والشيخ الذي قبله فان كذلك فيمن هو قبله ومن شيخ إلى شيخ حتى
    يصل الفناء إلى حضرة الرسول الأعظم سيدنا محمد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ، وهو بدوره r فان في الله تعالى . أي ان الشيخ الحاضر فان في حضرة الرسول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ومن خلاله هو فانٍ في الله تعالى .
    يقول السيد الشيخ محمد الكسنـزان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] : « ان شيخ الطريقة الحاضر متصل بالتتابع لسيدنا المصطفى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بسلسلة مشايخ الطريقة الروحية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] » [14] .
    ومعنى هذا الفناء هو ذوبان الصفات المعنوية لشيخ الطريقة في صفات حضرة الرسول الأعظم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الذي وصفه الحق تعالى بأنه على خلق عظيم ، وبأنه رحمة للعالمين ، وبأنه نور مبين ، بالصفات الكمالية التي لا يعدها الحصر كما يقال .
    وعلى
    هذا فالشيخ الحاضر أمام المريد أو المريض أو الطالب هو عبارة عن صورة أخرى
    للحقيقة النورانية المحمدية متمثلة في شخص شيخ ذلك الزمان وبالتالي فهو
    يمثل القدوة الصالحة والأسوة الحسنة التي ينبغي عليه إتباعها والإقتداء بها
    .
    يقول السيد الشيخ محمد الكسنـزان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    : « إن ثمرة اتباع المريد الكامل ظاهراً وباطناً لشيخ الطريقة هو الفناء
    بشيخه وهو تلذذ المريد بقبس الأنوار الروحية التي تغزو قلبه من شيخه ، وإن
    هذا الفناء يتحول إلى قنطرة الفناء التالية وهي الفناء في الرسول الأعظم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ومنه يتحول إلى قنطرة الفناء التالية وهي الفناء في الله تعالى »[15] .
    تعتبر
    هذه الميزة في الطريقة فارق أساسي بينها وبين بقية الأديان والمذاهب
    الأخرى التي تفتقد إلى المعيار العملي المهم في مجال الصحة النفسية
    والسلامة القلبية ، فالمذاهب الدينية ومدارس علم النفس كلها تفتقد إلى
    المعيار المتجسد لتلك السلامة النفسية على ارض الواقع الخارجي ، هذا فضلاً
    عن انها متضاربة فيما بينها في تحديد المعيار النظري أيضاً ، فلا تكاد تجد
    مدرستين من هذه المدارس تتفق على الأصول والمبادئ الأساسية للشخصية السليمة
    .
    إن وجود القدوة الصالحة
    يعتبر أهم مبادئ العلاج النفسي والقلبي لأنه يكون بمثابة الميزان التجريبي
    على مستوى التطبيق والممارسة ، فيتعرف المريد على سلامة نفسه وصحة سلوكياته
    في حركة الواقع الاجتماعي من خلال تطبيق هذه السلوكيات على سيرة الأنبياء
    والأولياء الذين جعلهم القرآن الكريم قدوة حسنة وأسوة للبشرية على اختلاف
    أفرادهم في المقام والثروة والعرق والجنس .. تلك السيرة الصالحة التي هي
    أحوج ما يكون المريض لها ، يجدها ماثلة بكل معانيها السامية في صورة شيخ
    الطريقة الحاضر لكونه وارثاً روحياً لكل تفاصيلها الظاهرية والباطنية .

    الخلاصة والنتائج يمكن تلخيص النتائج التي توصلت لها هذه الدراسة في ثلاث حقائق :
    الأولى
    : ان الهالة المادية التي كانت تصبغ جميع العلوم بدأت تضعف وتنحسر ، ليس
    لأن العلوم المادية غير صحيحة بل لأنها ليست شاملة ، أي لا تستطيع الإحاطة
    بكل جوانب العلوم في الوجود .
    الثانية
    : في المجال الطبي ، وفي عصر التقدم العلمي والانفتاح العالمي ، يمكن ان
    يستفيد العلم الحديث من ظاهرة روحية مهمة وهي الشفاء الروحي الخارق الذي
    تؤكد الطريقة العلية القادرية الكسنزانية امتلاكها لمفاتيحه العلمية
    والروحية بصورة كاملة ، ويمكن إجراء التجارب والاختبارات العلمية التي تثبت
    مصداقيته وفائدته العملية للإنسانية اجمع .
    الثالثة
    : الطب الروحي الخارق الذي تقول به الطريقة الكسنـزانية لا ينفي الطب
    التقليدي بل بالعكس يؤكده ، ولكنها وفي الوقت نفسه تدعو إلى تكامل شقي الطب
    لتكوين نموذج جديد شامل يراعى فيه ان العالم مكون من جانبين : مادي يجب ان
    يراعى وآخر روحي يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار .
    وعلى
    الجملة فالشفاء الخارق في التصوف الإسلامي ، وتجسده بالشكل الذي تعرضه
    الطريقة العلية القادرية الكسنـزانية لهو تحد من أكبر التحديات أمام العلم
    الحديث ، والذي عاجلاً أو آجلاً سيضطر لمواجهته ، ليس بالرفض بل بالفحص
    والتمحيص العلمي ووقتها ستجد مناهج البحث العلمي ان عليها إعادة النظر في
    كثير من القضايا الرئيسية التي أسدلت عليها الستار ومنها قضية العلاقة بين
    العلم والدين ومدى استفادة العلم من التفسيرات الصوفية للقدرات الخارقة
    التي بحوزتها .
    إن العلوم
    الطبية بشكل عام شقت طريقها دون التفات للمفاهيم الصحيحة التي قدمها
    الاعتقاد الصوفي ، سواء الشرقي أو الغربي ، ولم يحاول العلماء اختبار بعض
    ما جاء به الدين حول الطبيعة الإنسانية وغيرها ، ولكن ، بعد التطور العلمي
    والتقني الذي شهده العصر أمكن إنجاز مثل هذا العمل بالفعل ، وأمكن الآن
    القول بأن المنهج الصوفي والمنهج العلمي يمكن ممارستهما معا في وقت واحد ،
    إذ ان أحدهما يمكن ان يدرس من خلال الآخر ، وأن الأبعاد الروحية ووحدة
    الوعي يمكن استكشافها بأدوات العلم ، على الأقل في المراحل الأولية لهذا
    الاستكشاف .
    ولعل ذلك اذا حدث ،
    أي اذا حصل التقارب العلمي بين العلم والتصوف الإسلامي فانه يفتح باب
    التقارب بين الحضارة الإسلامية التي تؤمن بالقضايا الروحية وبين الحضارات
    القائمة على الفكر المادي.

    وصلى الله تعالى على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً


    عدل سابقا من قبل الداودي معالج وراقي في الأحد 12 يونيو 2011 - 20:31 عدل 2 مرات
    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    الكسنزان وعلاج الامراض القلبية (في الميزان) Empty رد: الكسنزان وعلاج الامراض القلبية (في الميزان)

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الأحد 12 يونيو 2011 - 20:21


    التعريف بالطريقة الكسنـزانية وتاريخها

    نقصد بكلمة الطريقة طريق القرآن الكريم ونهج الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم وأهل بيته وأصحابه الكرام ، أي الطريق المستقيم الذي ذكره الله في سورة فاتحة الكتاب : اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم
    (1) أي طريق الحق والهداية طريق الله عز و جل الذي نَعِمَ وفاز في الدنيا والآخرة من استقام عليه وألََََََّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهـم مـاءً غدقـا (2) .
    ويتساءل البعض في عدم انتشار الدعـوة إلى الطريقة في صدر الإسلام وعدم ظهورها إلا بعد عهد الصحابة والتابعين والجواب لأنهم لم يكونوا في حاجة إليها وذلك لأن أهل ذلك العصر كانوا متصوفين أصلا وأهل ورع وتقوى ومجاهدة وكانوا قرب رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم يتبارون في الإقتداء به في كل أعماله وحركاته َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ(3) ، كما إن أول مدرسة نشأت في المدينة المنورة وظهر فيها زهاد كثيرون منذ وقت مبكر تمسكوا بالقرآن وجعلوا الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم قدوتهم في زهدهم وظلوا كذلك حتى أصبح الإمام علي كرم الله وجهه الإمام الثاني في الطريقة بعد الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم لكون سيدنا علي كرم الله وجهه من أقرب الناس لرسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم وأحبهم إليه وموضع سره وثقته وقال في حقه ما يعظم شأنه فوق كل ذي شأن فقال في موضع غدير خم : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (4) فالأحاديث النبوية هذه أكدت عظمة علي وولايته فهو إمام الطريقة وبابها عملا بقول الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم :أنا مدينة العلم وعلي بابها (5) وكان له تلاميذ من أصحاب الطريقة والصفاء والورع وهم من الصحابة ومن هؤلاء أبو ذر الغفاري المتوفى سنة (22هـ) وأبو عبيدة بن الجراح المتوفى سنة (81هـ) وسلمان الفارسيالمتوفى سنة (26هـ) ومن التابعين سعيد بن المسيب المتوفى سنة (91هـ) وسالم بن عبد الله المتوفى سنة (106هـ) . وتعد مدرسة المدينة المنورة من كبرى المدارس للطريقة والتصوف الإسلامي وتليها مدرسة البصرة وكان شيخ هذه المدرسة الإمام الزاهد الحسن البصري قدس الله سره المتـوفى سنة (110هـ) وهو من واضعي دعائم الطريقة البيعة (العهد) من سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه وأتم مدرسته على نهجه ومن ثم تتابعت الطريقة وانتقلت من شيخ إلى شيخ حتى وصل إلى عصر سلطان الأولياء والباز الأشهب الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره فأنشأ مدرسة كانت الوحيدة في عصره والتي كان المئات من محبي الطريقة وعلومها وأصحاب الزهد والورع والحقيقة يتوجهون إليها لينهلوا من مناهلها علوم الطريقة والشريعة والتصوف وذاعت شهرتها حتى اهتدى بها الكثير إلى طريق الحق والإيمان وكانت خير مدرسة يعظ فيها سيدنا الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره أفواجا من الناس والسالكين يفدون إليها لسماع الوعظ وكانت هذه المدرسة وشيخها سببا في هداية كثير من الضالين إلى طريق الحق وأصبحوا سالكين على نهج طريقته حيث إن كثيرا من المدن والبلدان فتحت في عهده ودخلوا في دين الله أفواجا .
    وبعد ذلك لاحت في الأفق أنوار ساطعة تجسدت في شخصية مقدسة عظيمة وهي شخصية الشيخ عبد الكريم الشاه الكسنـزان قدس الله سره الذي أنار الآفاق بوجوده وأشرقت الأرض بنوره المستمد من نور جده المصطفى محمد صلى الله تعالى عليه و سلم الذي أصبح علما من أعلام الطريقة والهدى ومنارا اهتدت به جموع من شتى أبقاع الأرض ومن بينهم الملوك والأمراء وكثير من العظماء كانوا يلقون بأنفسهم على عتبة بابه راجين نظرته وكانت كل هذه القدرات والمواهب الروحية هي امتداد ووصل وإحياء لمآثر جده المصطفىصلى الله تعالى عليه و سلم حيث تجلت في مدرسته (المدرسة الكسنـزانية) التي أحيت الدين الإسلامي ومبادئه السامية بجهاده وإرشاده المتواصل وسلوكه لقب بمحي الدين بعد الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره وبلغت منـزلته منـزلة لم يبلغها أحد .
    وقد أنجبت المدرسة الكسنـزانية رجالا مؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأصبحوا دعاة للطريقة وهداية الناس إلى طريق الخير والمحبة فكانوا خير من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويتبعون سبيل الرشاد . وان ما ذكرناه آنفا من تاريخ الطريقة يؤكده قول الحافظ السيد محمد صديق الغماري رحمه الله عندما سئل عن أول من أسس الطريقة (التصوف) وهل بوحي سماوي ؟ فأجاب أما أول من أسس الطريقة فلتعلم إن الطريقة أسسها الوحي السماوي في جملة ما أسس من الدين المحمدي ، إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي محمد صلى الله تعالى عليه و سلم بعد ما بينها واحدا واحدا دينا بقوله:هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم (6)وهو الإسلام والإيمان والإحسان .
    فالإسلام إطاعة وعبادة ، والإيمان نور وعقيدة ، والإحسان مقام مراقبة ومشاهدة . أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك(7) ثم قال السيد محمد صديق الغماري في رسالته تلك (فأنه - كما في الحديث - عبارة عن الأركان فمن أخل بهذا المقام (الإحسان) الذي هو الطريقة فدينه ناقص بلا شك لتركه ركنا من أركانه فغاية ما تدعو إليه الطـريقة وتشير إليه هو مقام الإحسـان بعد تصحـيح الإسلام والأيـمان)(8) .
    وقال القشيري : أعلموا بأن المسلمين بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم لم يتسم أفاضلهم في عصورهم بتسمية سوى صحبة الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم إذ لا أفضلية فوقها فقيل لهم الصحابة ثم أختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس من لهم شدة عناية بأمر الدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق أدعوا إن فيهم زهاد فأنفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة بأسم التصوف )(9) .
    إن هذه الأدلة تؤكد على وجود الطريقة بمعناها الروحي في صدر الإسلام في عهد الرسولصلى الله تعالى عليه و سلم ولم تظهر بأسم التصوف لأنهم كانوا جميعا بصفة واحدة ، وبعد نكبة أهل بيت رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم وتغير نظام الخلافة الإسلامية اتجه الناس إلى الابتعاد عن التعاليم الإسلامية وجوهرها بين طامع في المال وخائف على نفسه فتأخرت الأعمال وتنافس الناس في الدنيا وحييت النفوس بعد موتها فتأخرت بذلك أنوار القلوب ووقع ما وقع في الدين وكادت الحقائق تنقلب ولم يزل ذلك إلى أن حصل وجوب التصدي لذلك التداعي والانحلال لحفظ قواعد وأصول الطريقة وفيما يأتي الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد أزلية الطريقة :
    الحديث الأول: أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه و سلم انه قال إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يـبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سألني أعطيته وان استعاذ بي أعذته(10) صدق رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم .
    الحديث الثاني: أخرج أبو نعيم في الحلية عن طريق طاووس عن أبي عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم يقول الله : إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يتعاظم بها على خلقي وكف نفسه عن الشهوات ابتغاء مرضاتي فقطع نهاره في ذكري ولم يبت مصرا على خطيئته يطعم الجائع ويكسوا العاري ويرحم الضعيف ويؤوي الغريب فذاك الذي يضيء وجهه نور الشمس يدعوني فألبي ويسألني فأعطي ويقسم علي فأبر قسمه أجعل من الجهالة علما وفي الظلمة نورا أكلأه بقوتي واستحفظه ملائكتي .
    الحديث الثالث: أخرج البزاز والبيهقي في الشعب عن ابن انس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم لقي رجلا يقال له حارثة فقال: كيف أصبحت يا حارثة ، قال : أصبحت مؤمنا حقا فقال صلى الله تعالى عليه و سلم : إن لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانك ، قال: عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني انظر إلى عرش ربي وكأني انظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وكأني اسمع عواء أهل النار فقال صلى الله تعالى عليه و سلم : عرفت فالزم .
    الحديث الرابع: أخرج الترمذي وحسنه شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)(11) ، (الكيس) العاقل (من دان نفسه) من حاسبها .
    الحديث الخامس: اخرج أبو الشيخ وابن حبان والبيهقي عن عمران بن الحصـين قـال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم : من انقطع إلى الله كفاه كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها (12) .
    الحديث السادس: أخرج الشيخان عن أبي هريرة في حديث سؤال جبريل عن الإحسان قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك(13) .
    الحديث السابع: أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم أحبوا الفقراء وجالسوهم(14) .
    ولو أردنا جمع جميع ما يتعلق بطريق الصوفية لطال بنا الكتاب ولنكتف بما أوردنا وفيه كفاية ان شاء الله من الدلالة على صحة أهل الطريقة .
    ففي الحديث الأول بيان مبدأ نهج الطريقة ونهايته وذلك لان سالكي هذا النهج يـبدؤون بالمجاهدة ولا يزالون يجاهدون أنفسهم ويجتهدون في تطهير قلوبهم من كل ما يـباعد عن الله وتزيـينها بكل ما يقرب إليه من الأموال والأقوال والأعمال ولزوم الإقبال والمثول بين يديه في كل وقت من الأوقات وحال من الأحوال على حسب الامكان حتى يصلوا إلى مقام الفناء ، والواصل إلى مقام الفناء هو المحبوب الملحوظ والمربوب المحفوظ .
    وفي الحديث الثاني تنويه عظيم بقدر أهل الطريقة وذلك لأن الخصال التي ذكرت فيه كلها من الأخلاق التي يتخلق بها أهل الطريقة ويحثون على التخلق بها .
    وفي الحديث الثالث بيان مبدأ أهل الطريقة ونهايته فأن حارثة اخبر انه جاهد نفسه بالقيام والصيام والتجافي عن دار الغرور حتى مَنّ الله عليه بالوصول إلى عين اليقين .
    وفي الحديث الرابع تنويه بقدر كل سالك صادق وذلك لان من أخلاق أهل الطريقة محاسبة النفس وتعمير كل وقت بما يليق ، قال الشافعي صحبت الصوفية واستفدت منهم ثلاث كلمات: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر ، الندم عصمة .
    وفي الحديث الخامس الحث على التخلق بأخلاق أهل الطريقة إذ هم المنقطعون إلى ربهم المتخلقون بأخلاق نبيهم صلى الله تعالى عليه و سلم .
    وفي الحديث السادس فيه إشارة جامعة لمنهج أهل الطريقة لأن اصل هذه الطريقة الخاصة كمال المعرفة ودوام المراقبة للحق سبحانه في الحركات والسكنات .
    وفي الحديث السابع الحث على صحبة الصوفية ومجالستهم ، إذ الفقير الكامل هو الصوفي الصادق يتلذذ بفقره ويشهد فيه المنة لربه ويحمده عليه كما يحمده الغير على الغنى .
    مما تقدم من الأحاديث الشريفة ودلالتها تبين لنا إن الطريقة هي روح الإسلام ولبه وأساسه وان كان اسمها ظهر فيما بعد فذلك لا يعني أنها ظهرت متأخرة وقال ابن خلدون في مقدمته :
    ( إن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين وَمَنْ بعدهم طريقة الحق والهداية ، وأهلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه والانفراد عن الخلق والخلوة للعبادة ، وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف ، فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وضج الناس إلى مخالطة الدنيا إختص المقبلون على العبادة بأسم الصوفية والمتصوفة ) (15) ، أي أهل الطريقة .
    من ذلك يتبين إن إطلاق اسم معين أو حالة كالطريقة ليس كأطلاق اسم معين على مولود جديد من بني آدم بل يمر ذلك الإطلاق بتطورات تبعا لتطور ذلك المفهوم كما هو الحال في مصطلح (القراء والفقهاء والمحدثين) ذلك إن أناسا ظهروا فاختصوا بقراءة القرآن الكريم من الرعيل الأول فسموا بالقراء وظهرت جماعة تعنى بالحديث فسميت بالمحدثين وتكونت جماعة تعنى ببيان الرأي والفتوى في الأحكام الشرعية سميت بالفقهاء ثم اعترت هذه المصطلحات تطورت معروفة في الدلالة على معانيها كما هو الحال في المستحدثات الجديدة كالميكانيكي والكهربائي وغيرها من التسميات ، وكذلك أطلق اسم المريد أو الصوفي على المرء الذي اعتزل مباهج الدنيا والحياة ، وتوجه بقلب خاشع ولسان ذاكر وأدب جم إلى محراب العبادة قائم الليل صائم النهار يـبتغي رضوان الله وحده ، جمع بين طهارة الجوارح وزكاة النفس وكان ممن وقفوا موقف الاستجابة للأمر الإلهي وَذَروا ظاهِرَ ألإثْمِ وَباطِنَهُ(16) ، ويواظب على ذكر لا إله إلا الله ، أو ذكر الله ألله ، مع حضور القلب . فالرسول الكريم صلى الله تعالى عليه و سلم حامل راية الإسلام كان التصوف ديدنه قبل البعثة فما ورد عنه في اعتزال الناس وانقطاعه إلى الله في غار (حراء) فبل البعثة لا اختلاف فيه .
    ومما تجد به الإشارة ذهاب البعض إلى إن الفلسفة مصدر للطريقة وأساس لها وهذا غير صائب لاختلاف الطريق والمنحى لكل منها ، وللمعنى ذاته لا يجوز اعتبار التصوف الهندي أو الصيني من المؤثرات التي تأثرت بها الطريقة ذلك إن الطريقة ، ذلك لأن نهج أهل الطريقة (أصيل نابع من الكتاب والسنة) .
    إن حقائق الفلسفة اليونانية وأخبار حكماء الهند والصين وفارس نُقلت إلى العربية في القرنين الثاني والثالث الهجريين حيث ترجمت كتب الفلسفة اليونانية إلى العربية في عهد هارون الرشيد (766- 809م) وفي عهد الخليفة المأمون (786- 833م) فلا الفلسفة اليونانية القديمة ولا الفلسفة الجديدة لأفلوطين المشهورة (بفلسفة الاسكندراني) أو فلسفة أفلوطون الجديدة المنسوبة إلى أفلوطين (203- 270م) بذات اثر في التصوف الإسلامي ، ويبدو إن السبب الذي دفع المستشرقين إلى هذا الوهم ، هو وجود بعض التشابه في منطلقات بعض من رجال الطريقة ورجال الفلسفة لا سيما في نطاق فلسفة أفلوطين ، وهو في الحقيقة استقراء ناقص لا يُحتج به ، وان الحكم بمقتضى التشابه يتطلب في الأقل مقارنة علمية بين عدد من الفلاسفة وعدد من كبار مشايخ الطريقة (يكون الحد الأدنى للرؤية المشتركة) يجري فيها التحليل الفكري بشكل موضوعي لأرائهم في الفلسفة والطريقة دون الركون إلى بعض المواقف او الأقوال النادرة لبعض المشايخ ليس إلا .
    والحقيقة إن أهداف الطريقة وغايتها لا تلتقي مع أهداف الفلسفة وغايتها ، ذلك إن الإسلام هو أساس الطريقة ، وغايتها هو الأيمان بوحدانية الله سبحانه والالتزام بشريعة القرآن في العقيدة والتعامل والسلوك الذاتي والاجتماعي في ضوء السيرة النبوية المطهرة ، وقد أجمع كبار مشايخ الطريقة على أن الطريقة هي الوقوف عند حدود الإسلام ولكنه وقوف لا يكتفي بالظاهر بل يتعدى الى القلب حتى يحقق تعاليم القرآن الكريم في سلوكه ويبلغ حق اليقين (مقام الإحسان) .
    إن الإنسان لا ينفك في التأمل عما وراء الطبيعة والتساؤل عن حقيقتها وقد أختلف أفراده في هذه النـزعة فمنهم من كرَّس كل حياته للبحث عن هذا السر واختار العزلة عن الناس من أجله وأطلق على هؤلاء في الديانة المسيحية (الرهبان) ، ووصف الإسلام المؤمنين المتصوفين بأنهم: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (17) .
    لذلك نستطيع القول إن الإنسان كان دائم البحث لمعرفة الطبيعة وما ورائها وان تشابه نهج الطريقة في هذه النزعة مع الاتجاه العبادي التنسكي للانسان قبل الإسلام ذلك لا يعني تأثرها بنهج غير إسلامي في هذا المجال فهو تشابه في نزعة طبيعية لا تشابه في نهج مقصود وان الطريقة كما بينّا هي سلوك طريق سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه و سلم في العبادة والتأمل والحياة .
    ولو تأملنا في الحياة لوجدنا تشابها غريبا في كثير من ميادينها سببه تجانس الغريزة ، أو توارد الخاطر او تماثل الحاجات وطرق إشباعها وتشابه الظروف وعواملها ولم يتأثر اللاحق بالسابق ، وعلى سبيل المثال نذكر قصة العشق الذي ربط قيسا بليلى وهي قصة عرفت بقصة (مجنون ليلى) في الأدب العربي ، وهي نفسها تتكرر في قصة (روميو وجوليت) في الأدب الإنكليزي ، وفي قصة (مم وزين) في الأدب الكردي ، و(شيرين وفرهاد) في الأدب الفارسي .
    في علم القانون شواهد عديدة على تشابه الأعراف القانونية في بلاد تتشابه الظروف الاجتماعية والاقتصادية فيها .
    فاذا كان نهج الطريقة فيه بعض الشبه مع اتجاه في السلوك الإنساني قد ظهر بشكل أو بآخر قبله فان هذا لا يعني علاقة امتداد في الوجود بل يعني علاقة تشابه في تطلع الإنسان ذاته .
    فالطريقة: هي سلوك حددت الشريعة الإسلامية مقامها ووضع كبار مشايخ الطريقة حقائقها .


      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 8 مايو 2024 - 16:32