باب الورع وترك الشبهات
588- وعن النُّعمان بنِ بَشيرٍ رضيَ اللَّه عنهما قال : سمِعْتُ
رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : «إِنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ ، وإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهما
مُشْتَبِهاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ
، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ في الشبُهاتِ ، وقَعَ في
الحَرامِ ، كالرَّاعي يرْعى حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَع فِيهِ ، أَلاَ
وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمهُ ، أَلاَ
وإِنَّ في الجسَدِ مُضغَةً إذا صلَحَت صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذا فَسَدَتْ
فَسدَ الجَسَدُ كُلُّهُ : أَلاَ وَهِي القَلْبُ » متفقٌ
عليه . ورَوَياه مِنْ طُرُقٍ بأَلْفاظٍ مُتَقارِبَةٍ .
589- وعن أَنسٍ رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ النَبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم وَجَدَ تَمْرَةً في الطَّرِيقِ ، فقالَ: « لَوْلاَ أَنِّي أَخافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُها
» . متفقٌ عليه .
590- وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صَلّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « البرُّ حُسنُ الخُلُقِ وَالإِثمُ ما حاكَ في نفْسِكَ ، وكَرِهْتَ أَنْ
يَطَّلَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ » رواه مسلم
.
« حاكَ » بالحاءِ
المهملة والكاف ، أَيْ تَرَدَّدَ فيهِ .
591- وعن وابصةَ بنِ مَعْبِدٍ رضيَ اللَّه عنه قال : أَتَيْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
فقال:
« جِئْتَ تسأَلُ عنِ البِرِّ ؟ » قلت : نعم ، فقال :
« اسْتَفْتِ قَلْبَكَ ، البِرُّ : ما اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ ،
واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ ، والإِثمُ ما حاكَ في النَّفْسِ وتَرَدَّدَ في
الصَّدْرِ ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ » حديثٌ حسن
، رواهُ أحمدُ ، والدَّارَمِيُّ في « مُسْنَدَيْهِما » .
592- وعن أبي سِرْوَعَةَ بكسر السين المهملة وفتحها عُقْبَةَ بنِ
الحارِثِ رضي اللَّهُ عنهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبي إِهاب بنِ عَزِيزٍ ،
فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فقالت : إِنِّي قَد أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالتي قَدْ تَزَوَّجَ بها ، فقال لَها
عُقبةُ : ما أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرضَعْتِني وَلاَ أَخْبَرتِني ، فَرَكَبَ
إِلى رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بالمَدِينَةِ ، فَسَأَلَهُ ،
فقال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « كَيْفَ ، وَقَدْ قِيلَ ؟، »
ففَارقَهَا عُقْبَةُ ونكَحَتْ زَوْجاً غيرَهُ . رواهُ البخاري
.
« إِهَابٌ » بكسرِ
الهمزة ، وَ « عزِيزٌ » بفتح
العين وبزاي مكرّرة .
593- وعن الحَسَنِ بن عَليٍّ رضّيَ اللَّهُ عنهما ، قال
: حَفِظْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
: «دَعْ ما يَرِيبُكَ إِلى مَا لا يرِيبُك » رواهُ
الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ومعناهُ : اتْرُكْ ما تَشُكُّ فِيهِ ، وخُذْ ما لا تَشُكَّ فِيهِ
.
594- وعن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها ، قالت : كانَ لأبي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ ، رضيَ اللَّهُ عنهُ غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ
الخَراجَ وكانَ أَبو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ، فَجَاءَ يَوماً بِشَيءٍ ،
فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ الغُلامُ : تَدْرِي مَا هَذا ؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ومَا هُوَ ؟ قَالَ : كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ في
الجاهِلِيَّةِ ومَا أُحْسِن الكَهَانَةَ إِلاَّ أَنِّي خَدَعْتُهُ ، فَلَقِيني ،
فَأَعْطَاني بِذلكَ هَذَا الذي أَكَلْتَ مِنْهُ ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَه
فَقَاءَ كُلَّ شَيءٍ في بَطْنِهِ ، رواه
البخاري .
«الخَراجُ » : شَيءَ
يَجْعَلُهُ السَّيِّدُ عَلى عَبْدِهِ يُؤدِّيهِ إلى السيِّد كُلّ يَومٍ ، وَبَاقي
كَسبِهِ يَكُونُ للعَبْدِ .
595- وعن نافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
كَانَ فَرَضَ للْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَربَعَةَ آلافٍ ، وفَرَضَ لابْنِهِ
ثلاثةَ آلافٍ وخَمْسَمائةٍ ، فَقِيلَ لَهُ : هُوَ مِنَ المُهاجِرِينَ فَلِم نَقَصْتَهُ؟ فقال
: إِنَّما هَاجَر بِهِ أَبُوه يَقُولُ : لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ
بِنَفْسِهِ . رواهُ
البخاري .
596- وعن عطِيَّةَ بنِ عُرْوةَ السَّعْدِيِّ الصَّحَابِيِّ رضيَ اللَّه
عنهُ قالَ . قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « لايبلغ العبدُ أَنْ يكون من المتقين حتى يَدَعَ مالا بَأْس بِهِ
حَذراً مما بِهِ بَأْسٌ )).
رواهُ الترمذي وقال : حديثٌ حسن .