أركان
الغسل
لا تتم حقيقة الغسل المشروع إلا بأمرين
:
( 1 ) النية
: إذ هي
المميزة للعبادة عن العادة ، وليست النية إلا عملا قلبيا محضا . وأما ما درج عليه
كثير من الناس واعتادوه من التلفظ بها فهو محدث غير مشروع ، ينبغي هجره والاعراض
عنه وقد تقدم الكلام على حقيقة النية في الوضوء .
( 2 ) غسل جميع الاعضاء : لقول الله تعالى : ( وإن
كنتم جنبا فاطهروا ) أي اغتسلوا ، وقوله : ( يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا
النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ) : أي يغتسلن . والدليل على أن المراد
بالتطهر الغسل ، ما جاء صريحا في قول الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا لا تقربوا
الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ، ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا )
وحقيقة الاغتسال ، غسل جميع الاعضاء .
سننه
يسن للمغتسل مراعاة فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في غسله فيبدأ ( 1 ) بغسل يديه ثلاثا (
2 ) ثم يغسل فرجه ( 3 ) ثم يتوضأ وضوءا
كاملا كالوضوء للصلاة ، وله تأخير غسل رجليه إلى أن يتم غسله ، إذا كان يغتسل في
طست ونحوه ( 4 ) ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثا
مع تخليل الشعر ، ليصل الماء إلى أصوله ( 5 )
ثم يفيض الماء على سائر البدن بادئا بالشق الايمن ثم الايسر مع تعاهد الابطين وداخل
الاذنين والسرة وأصابع الرجلين وذلك ما يمكن دلكه من البدن . وأصل ذلك كله ما جاء
عن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة
يبدأ فيغسل يديه ، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم
يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ ( 1 ) حفن على
رأسه ثلاث حثيات ، ثم أفاض على سائر جسده ) ، رواه البخاري ومسلم . وفي رواية لهما
: ( ثم يخلل بيديه شعره ، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات
) ، ولهما عنها أيضا قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من
الجنابة دعا بشئ نحو الحلاب ( 2 ) فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه الايمن ثم الايسر ، ثم
أخذ بكفيه فقلبهما على رأسه ) وعن ميمونة رضي الله عنها قالت : وضعت للنبي صلى الله
عليه وسلم ماء يغتسل به ، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ بيمينه
على شماله فغسل مذاكيره ، ثم دلك يده بالارض ثم مضمض
( 1 ) (
أنه قد استبرأ ) : أي أوصل الماء إلى البشرة . ( 2 ) ( الحلاب ) : الماء . ( . )
واستنشق ، ثم غسل وجهه ويديه ، ثم غسل رأسه ثلاثا ، ثم أفرغ على جسده ،
ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه ، قالت : فأتيته بخرقة فلم يردها ( 1 ) وجعل ينفض
الماء بيده رواه الجماعة .
( 1 ) لم
يردها ( بضم الياء وكسر الراء من الارادة ، لا من الرد كما جاء في رواية البخاري )
ثم أتيته بالمنديل فرده .