سجود
السهو
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسهو في
الصلاة ، وصح عنه أنه قال : ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ) .
وقد شرع لامته في ذلك أحكاما نلخصها فيما يلي :
( 1 ) كيفيته : سجود السهو سجدتان يسجدهما
المصلي قبل التسليم أو بعده ، وقد صح الكل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي
الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا شك أحدكم
في صلاته فلم يدركم صلى ، ثلاثا أم أربعا ، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم
يسجد سجدتين قبل أن يسلم ) . وفي الصحيحين في قصة ذي اليدين أنه صلى الله عليه وسلم
سجد بعد ما سلم . والافضل متابعة الوارد في ذلك فيسجد قبل التسليم فيما جاء فيه
السجود قبله ، ويسجد بعد التسليم فيما ورد فيه السجود بعده ، ويخير فيما عدا ذلك .
قال الشوكاني : وأحسن ما يقال في هذا المقام أنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله
صلى الله عليه وسلم من السجود قبل السلام وبعده ، فما كان من أسباب السجود مقيدا
بقبل السلام سجد له قبله ، وما كان مقيدا ببعد السلام سجد له بعده ، وما لم يرد
تقييده بأحدهما كان مخيرا بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة
والنقص ، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ) .
( 2 ) الاحوال التي يشرع
فيها :
يشرع سجود السهو في الاحوال الاتية :
1 - إذا سلم قبل إتمام الصلاة لحديث ابن سيرين عن أبي هريرة قال : صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي ( 1 ) فصلى ركعتين ثم سلم فقام إلى
خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك
بين أصابعه ، ووضع خده على ظهر كفه اليسرى ، وخرجت السرعان ( 2 ) من أبواب المسجد
فقالوا قصرت الصلاة ؟ وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه ، وفي القوم رجل يقال
له : ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ فقال : ( لم أنس ولم
تقصر ) فقال : ( أكما يقول ذو اليدين ؟ ) فقالوا : نعم . . فقدم فصلى ما ترك ( 3 )
ثم سلم ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر ، ثم كبر وسجد مثل سجوده
أو أطول ثم رفع رأسه ) الحديث رواه البخاري ومسلم . وعن عطاء أن ابن الزبير صلى
المغرب فسلم في ركعتين فنهض ليستلم الحجر فسبح القوم فقال ما شأنكم ؟ . قال فصلى ما
بقي وسجد سجدتين . قال : فذكر ذلك لابن عباس فقال ما أماط ( 4 ) عن سنة نبيه صلى
الله عليه وسلم رواه أحمد والبزار والطبراني .
2 - عند الزيادة على الصلاة ،
لما رواه الجماعة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمسا فقيل له .
أزيد في الصلاة ؟ فقال : ( وما ذلك ؟ ) فقالوا : صليت خمسا ، فسجد سجدتين بعد ما
سلم . وفي هذا الحديث دليل على صحة صلاة من زاد ركعة وهو ساه - ولم يجلس في الرابعة
.
( 1 )
الظهر أو العصر . ( 2 ) جمع سريع ، وهم أول الناس خروجا . ( 3 ) في هذا دليل على
جواز البناء على الصلاة التي خرج منها المصلي قبل تمامها ناسيا من غير فرق بين من
سلم من ركعتين أو أكثر أو أقل . ( 4 ) أي ما أبعد
3 - عند نسيان التشهد الاول أو نسيان سنة من سنن الصلاة ، لما رواه الجماعة
عن ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الركعتين فسبحوا به فمضى ،
فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم ( 1 ) . وفي الحديث أن من سها عن القعود الاول
وتذكر قبل أن يستتم قائما عاد إليه ، فإن أتم قيامه لا يعود . ويؤيد ذلك ما رواه
أحمد وأبو داود وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: ( إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس ، وإن استتم قائما فلا يجلس
وسجد سجدتي السهو ) .
4 - السجود عند الشك في الصلاة
، فعن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا شك
أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلى أم ثنتين فليجعلها واحدة ، وإذا لم يدر ثنتين
صلى أم ثلاثا فليجعلها ثنتين وإذا لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليجعلها ثلاثا ، ثم
يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين ) رواه أحمد وابن ماجة والترمذي
وصححه . وفي رواية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صلى صلاة يشك في
النقصان فليصل حتى يشك في الزيادة ) وعن أبي سعيد الخدري قال ، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح
الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإن كان صلى خمسا شفعن له
صلاته ، وإن كان صلى إتماما لاربع كانتا ترغيما للشيطان ) رواه أحمد ومسلم . وفي
هذين الحديثين دليل لما ذهب إليه الجمهور من أنه إذا شك المصلي في عدد الركعات بنى
على الاقل المتيقن له ثم يسجد للسهو .
( 1 ) في
الحديث : أن المؤتم يسجد مع إمامه لسهو الامام ، وعند الحنفية والشافعية : أن
المؤتم يسجد لسهو الامام ولا يسجد لسهو نفسه