صدى الزواقين وزان وجبالة

صدى الزواقين Echo de Zouakine
صدى الزواقين وزان وجبالة echo de zouakine ouezzane et jbala

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين وزان وجبالة

صدى الزواقين Echo de Zouakine
صدى الزواقين وزان وجبالة echo de zouakine ouezzane et jbala

صدى الزواقين وزان وجبالة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صدى الزواقين وزان وجبالة ذكريات تراث تقاليد تعارف ثقافة وترفيه


    شرح الاربعين النووية

    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    شرح الاربعين النووية  Empty شرح الاربعين النووية

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 6:38


    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة الإمام النووي

    الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ. قَيُّومِ السَّماوات والأرَضِينَ .
    مُدبِّرِ الخلائِق أجْمعينَ . باعِثِ الرُّسُلِ - صلواتُهُ وسلامُهُ عَليهِم- إلى
    المُكلَّفينَ، لهِدايَتِهم وبَيانِ شَرائع الدِّينِ. بالدَّلائلِ القَطْعِيَّةِ
    وَواضحاتِ البَراهِينِ. أحْمَدُهُ على جميع نِعمِه. وأسأله المَزيدَ من فضلهِ
    وكَرمِه. وأشهَدُ أنَّ سيدَنا محمداً عبْدُه ورسولُه. وحبيبُهُ وخلِيلُه أفضلُ
    المخلُوقِين. المُكَرَّمُ بالقُرآن العزيز المُعْجزَةِ المستمِرَّةِ على تعاقُب
    السِّنين. وبالسُّننِ المستَنيرةِ للمُستَرْشِدِين. المخْصوصُ بجَوامع الكَلِم
    وسَماحَةِ الدِّين. صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى سائر النبيينَ والمرسَلينَ. وآلِ
    كلٍّ وسائِرِ الصالِحينَ.

    أما بَعْدُ: فقد رُوِّينَا عَنْ عَليِّ بن أبي طالب، وعبدِ الله بنِ
    مَسعودٍ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وأبي الدَّرْداءِ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وأنسِ
    بنِ مالِكٍ، وأبي هُرَيرةَ، وأبي سعيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنهم من طُرُقٍ كثيراتٍ
    بِرواياتٍ متنوِّعاتٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ حَفِظَ على
    أُمَّتي أَربعينَ حديثاً من أمْر دينِها بَعَثهُ الله يومَ القيامةِ في زُمْرةِ
    الفُقَهاءِ والعُلماءِ"، [رواه البيهقي ]وفي روايةٍ: " بَعَثَهُ اللهُ فَقِيهاً
    عالماً ". وفي روايةِ أبي الدَّرْداءِ: "وكُنتُ له يومَ القيامةِ شافعاً وشَهيداً
    "، وفي روايةِ ابنِ مَسعودٍ: " قيلَ له: ادخُلْ مِن أيِّ أبوابِ الجنةِ شِئتَ ".
    وفي رواية ابن عُمَر: "كُتِبَ في زُمْرةِ العُلماءِ وحُشرَ في الشهَداءِ
    ".

    واتَّفَق الحُفَّاظُ على أنَّه حديثٌ ضعيفٌ وإن كثُرَتْ طُرُقُه، وقد
    صَنَّفَ العُلماءُ رضي الله عنهُم في هذا البابِ ما لا يُحْصَى من المصَنَّفاتِ،
    فأَوَّل مَن عَلِمْتُه صَنَّفَ فيه عبدُ الله بِنُ المبارَكِ، ثم محمدُ بنُ
    أَسْلَمَ الطُّوسيُّ العالِمُ الرَّبَّاني، ثم الحسَنُ بنُ سفيانَ النَّسَائيُّ،
    وأبو بكرٍ الآجُرِّيُّ، وأبو بكر محمدُ بنُ إبراهيمَ الأصفَهانيُّ،
    والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، وأبو نُعَيم، وأبو عبد الرحمنِ السُّلَميُّ، وأبو
    سعيدٍ المَالِينيُّ، وأَبو عُثمانَ الصَّابُونيُّ، وعبدُ الله بنُ محمد الأنصاري،
    وأبو بكرٍ البَيْهقيُّ، وخلائقُ لا يُحْصَوْنَ من المُتَقَدِّمينَ والمُتأخِّرينَ
    .

    وقد استَخَرتُ الله تعالى جَمعَ أربعينَ حديثاً اقتِدَاءً بهؤلاءِ
    الأَئمةِ الأَعلام وحُفَّاظِ الإسلامِ. وقد اتفَقَ العلماءُ على جَوازِ العَمَلِ
    بالحديث الضعيفِ في فضائِل الأعمالِ، ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث، بل على
    قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة : "ليُبَلِّغِ الشاهِدُ منكم
    الغائِبَ" [رواه البخاري ]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " نَضَّرَ اللهُ امْرَأً
    سَمِعَ مَقالتي فَوعَاها فأدَّاها كما سَمِعَها" [رواه أبو
    داود].

    ثم منَ العُلماء من جَمَع الأربعين في أصول الدِّينِ، وبعضُهم في
    الفروع، وبعضُهم في الجهاد، وبعضُهم في الزُّهْد، وبعضُهم في الخُطَب، وكُلُّها
    مقاصِدُ صالِحةٌ، رضي اللهُ عن قاصِدِيها. وقد رأيتُ جَمْعَ أربعينَ أهمَّ من هذا
    كلِّهِ، وهي أربعون حديثاً مشتملة على جميع ذلك ، وكلُّ حديث منها قاعِدةُ عظيمةُ
    من قواعد الدِّينِ، وقد وصَفَهُ العُلماءً بأنَّ مَدَارَ الإسلام عليه، أو نِصْفَ
    الإسلام، أو ثُلُثَهُ، أو نحو ذلك.

    ثم أَلتَزمُ في هذه الأربعينَ أن تكونَ صحيحةً ومُعْظَمُها في صحيحي
    البُخارِيِّ ومُسْلم، وأذكُرُها محذُوفَة الأسانيدِ، ليَسْهُلَ حِفْظُها ويَعُمَّ
    الانتفاعُ بها إن شاء الله تعالى. ثم أُتْبِعُها بباب في ضبطِ خَفِيِّ
    ألفاظها.

    وينبغي لكل راغب في الآخرَةِ أن يَعْرِفَ هذه الأحاديث لِمَا اشتَمَلتْ
    عليه من المُهمَّاتِ، واحتَوتْ عليه من التنبيهِ على جميعِ الطاعاتِ، وذلك ظاهرٌ
    لمن تَدبَّره، وعلى الله اعتمادي، وإليه تَفْويضي واستنادي، وله الحمدُ والنِّعمةُ،
    وبه التوفيقُ والعِصمةُ.



    الحديث الأول:

    إِنمَا الأَعمَالُ بالنّيات

    أهمية
    الحديث


    مفردات
    الحديث


    سبب
    ورود الحديث


    المعنى
    العام 1-اشتراط النية 2-وقت النية ومحلها 3-وجوب الهجرة 4-ما يفيده
    الحديث


    عن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ
    عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّما
    الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى، فَمَنْ كانَتْ
    هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ، ومَنْ كانَتْ
    هِجْرَتُهُ لِدُنْيا يُصِيبُها أو امْرأةٍ يَنْكِحُها فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ
    إليه".

    رواهُ إمَامَا المُحَدِّثِينَ : أبُو عَبْدِ اللهِ محمدُ بنُ إسماعيلَ
    بن إبراهيمَ بن المُغِيرةِ بن بَرْدِزْبَهْ البُخَاريُّ، وأبُو الحُسَيْنِ مُسْلِمُ
    بنُ الحَجَّاج بن مُسْلمٍ القُشَيْرِيُّ النَّيسابُورِيُّ في صَحِيحَيْهما
    اللَّذَيْنِ هُما أَصَحُّ الْكُتُبِ المُصَنَّفَةِ.



    أهمية الحديث:

    إن هذا الحديث من الأحاديث الهامة، التي عليها مدار الإسلام، فهو أصل في
    الدين وعليه تدور غالب أحكامه. قال الإمام أحمد والشافعي: يدخل في حديث: "إنما
    الأعمال بالنيات" ثلث العلم، وسبب ذلك أن كسب العبد يكون بقلبه ولسانه وجوارحه،
    فالنية بالقلب أحد الأقسام الثلاثة.

    مفردات الحديث:

    "الحفص": الأسد، وأبو حفص: كنية لعمر بن الخطاب رضي الله
    عنه.

    "إلى الله": إلى محل رضاه نيةً وقصداً.

    "فهجرته إلى الله ورسوله": قبولاً وجزاءً.

    "لدنيا يصيبها": لغرض دنيوي يريد تحصيله.

    سبب ورود الحديث:

    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها : أم
    قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجها، فكنا نسميه: مهاجر أم قيس. [رواه
    الطبراني بإسناد رجاله ثقات] .

    المعنى العام

    1- اشتراط النية: اتفق العلماء على أن الأعمال الصادرة من المكلفين المؤمنين لا تصير
    معتبرة شرعاً، ولا يترتب الثواب على فعلها إلا بالنية.

    والنية في العبادة المقصودة، كالصلاة والحج والصوم، ركن من أركانها، فلا
    تصح إلا بها، وأما ما كان وسيلة، كالوضوء والغسل، فقال الحنفية : هي شرط كمال فيها،
    لتحصيل الثواب. وقال الشافعية وغيرهم: هي شرط صحة أيضاً، فلا تصح الوسائل إلا
    بها.

    2-وقت النية ومحلها: وقت النية أو العبادة، كتكبيرة الإحرام بالصلاة، والإحرام بالحج، وأما
    الصوم فتكفي النية قبله لعسر مراقبة الفجر.

    ومحل النية القلب؛ فلا يشترط التلفظ بها؛ ولكن يستحب ليساعد اللسانُ
    القلبَ على استحضارها.

    ويشترط فيها تعيين المنوي وتمييزه، فلا يكفي أن ينوي الصلاة بل لا بد من
    تعيينها بصلاة الظهر أو العصر .. إلخ.

    3- وجوب الهجرة: الهجرة من أرض الكفار إلى ديار الإسلام واجبة على المسلم الذي لا يتمكن
    من إظهار دينه، وهذا الحكم باق وغير مقيد.

    -4يفيد الحديث: أن من نوى عملاً صالحاً، فَمَنَعَهُ من القيام به عذر قاهر، من مرض أو
    وفاة، أو نحو ذلك، فإنه يثاب عليه.

    والأعمال لا تصح بلا نية، لأن النية بلا عمل يُثاب عليها، والعمل بلا
    نية هباء، ومثال النية في العمل كالروح في الجسد، فلا بقاء للجسد بلا روح، ولا ظهور
    للروح في هذا العالم من غير تعلق بجسد.

    5- ويرشدنا إلى الإخلاص في العمل والعبادة حتى نحصِّل الأجر والثواب في
    الآخرة، والتوفيق والفلاح في الدنيا.

    6-كل عمل نافع وخير يصبح بالنية والإخلاص وابتغاء رضاء الله تعالى
    عبادة.

    فاحرص على تحسين النية والإخلاص لله تعالى.
    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    شرح الاربعين النووية  Empty رد: شرح الاربعين النووية

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 6:39


    الحديث الثاني:

    الإسْلامُ والإيمَانُ والإحْسَان

    أهمية
    الحديث


    مفردات
    الحديث


    المعنى
    العام 1-تحسين الهيئة 2-ما هو الإسلام 3-ما هو الإيمان 4-ما هو الإحسان 5-الساعة
    وأماراتها 6-السؤال عن العلم 7-من أساليب
    التربية


    عَن عُمَر رضي اللهُ عنه أَيْضاً قال: " بَيْنَما نَحْنُ جُلْوسٌ عِنْدَ
    رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ
    الثِّيَاِب شَديدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أَثَرُ السَّفَرِ ولا
    يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتى جَلَسَ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم، فأسْنَدَ
    رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ووَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّدُ
    أَخْبرني عَن الإسلامِ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أَنْ
    تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمِّداً رسولُ الله، وتُقِيمَ الصَّلاةَ،
    وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضان، وتَحُجَّ الْبَيْتَ إن اسْتَطَعتَ إليه
    سَبيلاً. قالَ صَدَقْتَ. فَعَجِبْنا لهُ يَسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ، قال : فَأَخْبرني
    عن الإِيمان. قال: أَن تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ،
    واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ. قال صدقت. قال :
    فأخْبرني عَنِ الإحْسانِ. قال: أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ
    تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك. قال: فأَخبرني عَنِ السَّاعةِ، قال:ما المَسْؤولُ
    عنها بأَعْلَمَ من السَّائِلِ . قال: فأخبرني عَنْ أَمَارَتِها، قال: أن تَلِدَ
    الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العَُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ
    يَتَطَاوَلُون في الْبُنْيانِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبثْتُ مَلِيّاً، ثُمَّ قال :
    يا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أَعلَمُ . قال:
    فإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ". رواه
    مسلم.



    أهمية الحديث:

    قال ابن دقيق العيد: هذا حديث عظيم اشتمل على جميع وظائف الأعمال
    الظاهرة والباطنة، وعلوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه؛ لما تضمنه من جمعه
    علم السنة، فهو كالأم للسُّنة؛ كما سميت الفاتحة " أم القرآن "؛ لما تضمنه من جمعها
    معاني القرآن.

    مفردات الحديث:

    "ووضع كفيه على فخذيه": أي فخذي نفسه كهيئة المتأدب. وفيرواية النسائي:
    "فوضع يديه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ". والرواية الأولى أصح
    وأشهر.

    "فعجبنا له يسأله ويصدقه": أي أصابنا العجب من حاله، وهو يسأل سؤال
    العارف المحقق المصدق. أو عجبنا لأن سؤاله يدل على جهله بالمسؤول عنه، وتصديقه يدل
    على علمه به.

    "أن تؤمن بالله..": الإيمان لغة التصديق والجزم في القلب، وشرعاً:
    التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

    "أماراتها": بفتح الهمزة جمع أمارة: وهي العلامة. والمراد علاماتها التي
    تسبق قيامها.

    "أن تلد الأمة ربتها": أي سيدتها. وفي رواية "ربها" أي: سيدها. والمعنى
    أن من علامات الساعة كثرة اتخاذ الإماء ووطئهن بملك اليمين، فيأتين بأولادٍ هم
    أحرار كآبائهم، فإنَّ ولدها من سيدها بمنزلة سيدها، لأن ملك الوالد صائر إلى
    ولده،فهو ربها من هذه الجهة.

    "العالة": جمع عائل، وهو الفقير.

    "فلبثتُ ملياً": انتظرتُ وقتاً طويلاً؛ أي: غبت عن النبي صلى الله عليه
    وسلم ثلاث ليالٍ كما في رواية، ثم لقيته.

    المعنى العام:

    1- تحسين الثياب والهيئة: يستحسن ارتداء الثياب النظيفة، والتطيب بالرائحة الزكية لدخول المسجد
    وحضور مجالس العلم، والتأدب في مجالس العلم ومع العلماء، فإن جبريل عليه الصلاة
    والسلام أتى معلماً للناس بحالة ومقاله.

    2- ما هو الإسلام: الإسلام لغة: الانقياد والاستسلام لله تعالى. وهو شرعاً: قائم على أسس
    خمس: شهادة أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة في أوقاتها كاملة
    الشروط والأركان، مستوفاة السنن والآداب، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت
    الحرام مرة في العمر على من قدر عليه وتوفر له مؤونة السفر من الزاد والراحلة ونفقة
    الأهل والعيال.

    3- ما هو الإيمان ؟: الإيمان لغة: التصديق، وشرعاً : التصديق الجازم بوجود الله الخالق وأنه
    سبحانه واحد لا شريك له.

    والتصديق بوجود خلق لله هم الملائكة، وهم عباد مكرمون، لا يعصون الله ما
    أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، خلقهم الله من نور، لا يأكلون ولا يتصفون بذكورة ولا
    أنوثة ولا يتناسلون، ولا يعلم عددهم إلا الله تعالى.

    والتصديق بالكتب السماوية المنزلة من عند الله تعالى، وأنها شرع الله
    قبل أن تنالها أيدي الناس بالتحريف والتبديل.

    والتصديق بجميع الرسل الذين اختارهم الله لهداية خلقه، وأنزل عليهم
    الكتب السماوية، والاعتقاد أن الرسل بشر معصومون.

    والتصديق بيوم آخر، يبعث الله فيه الناس من قبورهم، ويحاسبهم على
    أعمالهم ويجزيهم عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

    والتصديق بأن كل ما يجري في هذا الكون هو بتقدير الله تعالى
    وإرادته،لحكمة يعلمها الله تعالى. هذه هي أركان الإيمان، من اعتقد بها نجا وفاز،
    ومن جحدها ضل وخاب.

    4-ما هو الإحسان ؟:أن تعبد الله كأنك تراه ، أي تخلص في عبادة الله وحده مع تمام الإتقان ،كأنك تراه وقت عبادته،
    فإن لم تقدر على ذلك فتذكر أن الله يشاهدك ويرى منك كل صغير وكبير. وفي رواية
    للإمام مسلم : " أن تخشى الله كأنك تراه ".

    5- الساعة وأماراتها: علم وقت قيام القيامة، مما اختص الله بعلمه، ولم يُطلع عليه أحداً من
    خلقه ملكاً كان أو رسولاً، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: " ما
    المسؤول عنها بأعلم من السائل". ولكنه أجابه عن بعض أماراتها التي تسبقها وتدل على
    قربها:

    أ- فساد الزمن، وضعف الأخلاق، حيث يكثر عقوق الأولاد ومخالفتهم لآبائهم
    فيعاملونهم معاملة السيد لعبيده.

    ب- انعكاس الأمور واختلاطها، حتى يصبح أسافل الناس ملوك الأمة ورؤساءها،
    وتسند الأمور لغير أهلها، ويكثر المال في أيدي الناس، ويكثر البذخ والسرف، ويتباهى
    الناس بعلو البنيان، وكثرة المتاع والأثاث، ويُتعالى على الخلق ويملك أمرهم من
    كانوا في فقر وبؤس، يعيشون على إحسان الغير من البدو والرعاة
    وأشباههم.

    6- السؤال عن العلم: المسلم إنما يسأل عما ينفعه في دنياه أو آخرته، ويترك السؤال عما لا
    فائدة فيه . كما ينبغي لمن حضر مجلس علم، ولمس أن الحاضرين بحاجة إلى مسألة ما، ولم
    يسأل عنها أحد، أن يسأل هو عنها وإن كان هو يعلمها، لينتفع أهل المجلس بالجواب. ومن
    سئل عن شيء لا يعلمه وجب عليه أن يقول: لا أعلم، وذلك دليل ورعه وتقواه وعلمه
    الصحيح.

    7- من أساليب التربية: طريقة السؤال والجواب، من الأساليب التربوية الناجحة قديماً وحديثاً،
    وقد تكررت في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من الأحاديث النبوية؛
    لما فيها من لفت انتباه السامعين وإعداد أذهانهم لتلقي الجواب
    الصحيح.
    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    شرح الاربعين النووية  Empty رد: شرح الاربعين النووية

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 6:41


    الحديث الثالث:

    أركان الإسلام ودَعَائمهُ العِظام

    مفردات
    الحديث


    المعنى
    العام


    بناء
    الإسلام : 1-الشهادتان 2-الصلاة 3-الزكاة
    4-الحج


    ارتباط
    أركان الإسلام ببعض


    غاية
    العبادات


    شُعَب
    الإيمان


    ما
    يفيده الحديث


    عن أبي عَبْدِ الرَّحْمنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطابِ رَضيَ
    اللهُ عنهُما قال: سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: " بُنَي
    الإسلامُ على خَمْسٍ : شهادَةِ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمَّداً رسولُ
    اللهِ، وإقَامِ الصَّلاةِ، وإيتَاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضَانَ
    ". رواهُ البُخَارِيُّ ومسلمٌ.

    مفردات الحديث:

    " على خَمْسٍ ": وفي رواية: "على خمسة "، أي خمس دعائم أو خمسة أركان، و "
    على " بمعنى : من.

    "إقَامِ الصَّلاةِ ": المداومة عليها، وفعلها كاملة الشروط والأركان،
    مستوفية السنن والآداب.

    المعنى العام:

    ·
    بناء الإسلام: يشبِّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء به -والذي يخرج
    به

    الإنسان من دائرة الكفر ويستحق عليه دخول الجنة والمباعدة من النار-
    بالبناء المحكم، القائم على أسس وقواعد ثابتة، ويبين أنَّ هذه القواعد التي قام
    عليها وتم هي:

    1- شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله: ومعناها الإقرار بوجود
    الله تعالى ووَحدانيته، والتصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، وهذا
    الركن هو كالأساس بالنسبة لبقية الأركان، وقال عليه الصلاة والسلام:" من قال لا إله
    إلا الله مخلصاً دخل الجنة". حديث صحيح أخرجه البزار.

    2- إقام الصلاة: والمراد المحافظة على الصلاة والقيام بها في أوقاتها،
    وأداؤها كاملة بشروطها وأركانها، ومراعاة آدابها وسننها، حتى تؤتي ثمرتها في نفس
    المسلم فيترك الفحشاء والمنكر، قال تعالى: {وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ
    وَالْمُنْكَرِ
    } [العنكبوت: 45].

    3- إيتاء الزكاة: وهي إعطاء نصيب معين من المال -ممن ملك النصاب، وتوفرت
    فيه شروط الوجوب والأداء - للفقراء والمستحقين.

    4- الحج: وهو قصد المسجد الحرام في أشهر الحج، وهي شوال وذو القعدة والعشر
    الأول من ذي الحجة، والقيام بما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مناسك، وهو
    عبادة مالية وبدنية تتحقق فيه منافع كثيرة للفرد والمجتمع، وهو فوق ذلك كله مؤتمر
    إسلامي كبير، ومناسبة عظيمة لالتقاء المسلمين من كل بلد. ولذا كان ثواب الحج عظيماً
    وأجره وفيراً، قال عليه الصلاة والسلام " الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة
    "متفق عليه. وقد فُرِض الحج في السنة السادسة(1) من الهجرة بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
    سَبِيلا
    } [ آل عمران: 97] .

    5- صوم رمضان: وقد فرض في السنة الثانية للهجرة بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ
    وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ
    فَلْيَصُمْهُ
    } [البقرة: 185]. وهو عبادة فيها تطهير للنفس، وسمو للروح، وصحة للجسم،
    ومن قام بها امتثالاً لأمر الله وابتغاء مرضاته كان تكفيراً لسيئاته وسبباً لدخوله
    الجنة.

    · ومن أتى بهذه الأركان كاملة كان مسلماً كامل الإيمان، ومن تركها جميعاً
    كان

    كافراً قطعاً.

    ·
    غاية العبادات: ليس المراد بالعبادات في الإسلام صورها وأشكالها، وإنما المراد
    غايتها

    ومعناها مع القيام بها، فلا تنفع صلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما
    لا يُفيد صومٌ لا يترك فاعلُه الزورَ والعمل به، كما لا يُقبل حج أو زكاة فعل
    للرياء والسمعة. ولا يعني ذلك ترك هذه العبادات إذا لم تحقق ثمرتها، إنما المراد
    حمل النفس على الإخلاص بها وتحقيق المقصود منها.

    ·
    شعب الإيمان: وليست هذه الأمور المذكورة في الحديث هي كل شيء في
    الإسلام،

    وإنما اقتصر على ذكرها لأهميتها، وهناك أمور كثيرة غيرها؛ قال عليه
    الصلاة والسلام : " الإيمان بِضْعٌ وسبعونَ شعبة " متفق
    عليه.

    ·
    يُفيد الحديث أن الإسلام عقيدة وعمل، فلا ينفع عمل دون إيمان، كما أنه لا
    وجود

    للإيمان دون العمل .

    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    شرح الاربعين النووية  Empty رد: شرح الاربعين النووية

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 6:42


    الحديث الرابع:

    أطوارُ خَلقِ الإِنسان وخَاتِمَتُه

    مفردات
    الحديث


    المعنى
    العام 1-أطوار الجنين
    في
    الرحم 2-نفخ الروح 3-تحريم إسقاط الجنين 4-علم الله تعالى 5-الاحتجاج
    بالقدر




    عن أبي عبْدِ الرَّحْمن عبدِ الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال:حدَّثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهُوَ الصَّادقُ المَصْدوق: " إن
    أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّه أرْبعينَ يوْماً نُطْفَةً، ثُمَّ
    يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلك، ثُمَّ يَكُون مُضْغَةً مِثْلَ ذلك، ثُمَّ يُرْسَلُ
    إليه المَلكُ فَيَنْفخُ فيه الرُّوحَ ويُؤمَرُ بأرْبَعِ كلماتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ
    وأَجَلِهِ وعَمَلِهِ وشَقيٌّ أو سَعيدٌ، فَوَاللهِ الَّذي لا إله غَيْرُهُ إنَّ
    أَحَدَكُمْ ليَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتى ما يكُون بَيْنَهُ وبَيْنَها إلا
    ذِرَاعُ، فَيَسْبقُ عَليْه الكِتابُ فَيَعْمَلُ بعَملُ أَهْلِ النَّارِ
    فَيَدْخُلُها. وإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهل النَّارِ حتى ما يَكُون
    بَيْنَهُ وبَيْنَها إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكتابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ
    أهل الجنَّةِ فَيَدْخُلُها ". رواه البخاري ومسلم.



    مفردات الحديث:

    " المصدوق": فيما أوحي إليه، لأن الملك جبيريل يأتيه بالصدق، والله سبحانه
    وتعالى يصدقه فيما وعده به.

    " يُجمع " يُضَم ويُحفظ، وقيل : يُقَدَّر ويُجمع.

    " في بطن أمه ": في رحمها.

    " نطفة": أصل النطفة الماء الصافي، المراد هنا:
    منياً.

    " علقة": قطعة دم لم تيبس، سميت " علقة ".

    " فيسبق عليه الكتاب ": الذي سبق في علم الله
    تعالى.

    المعنى العام:

    1- أطوار الجنين في الرحم: يدل هذا الحديث على أن الجنين يتقلب في مئة
    وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار، في كل أربعين يوماً منها يكون في طور؛ فيكون في
    الأربعين الأولى نطفة، ثم في الأربعين الثانية علقة، ثم في الأربعين الثالثة مضغة،
    ثم بعد المئة وعشرين يوماً ينفخ فيه الملك الروح، ويكتب له هذه الكلمات
    الأربعة.

    والحكمة في خلق الله تعالى للإنسان بهذا الترتيب ووفق هذا التطور
    والتدرج من حال إلى حال، مع قدرته سبحانه وتعالى على إيجاده كاملاً في أسرع لحظة :
    هي انتظام خلق الإنسان مع خلق كون الله الفسيح وفق أسباب ومسببات ومقدمات ونتائج،
    وهذا أبلغ في تبيان قدرة الله.. كما نلحظ في هذا التدرج تعليم الله تعالى لعباده
    التأني في أمورهم والبعد عن التسرع والعجلة، وفيه إعلام الإنسان بأن حصول الكمال
    المعنوي له إنما يكون بطريق التدريج نظير حصول الكمال الظاهر له بتدرجه في مراتب
    الخلق وانتقاله من طور إلى طور إلى أن يبلغ أشده، فكذلك ينبغي له في مراتب السلوك
    أن يكون على نظير هذا المنوال.

    2- نفخ الروح: اتفق العلماء على أن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مضي مئة وعشرين
    يوماً على الاجتماع بين الزوجين، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس، وهذا
    موجود بالمشاهدة وعليه يُعوَّل فيما يُحتاج إليه من الأحكام من الاستلحاق ووجوب
    النفقات، وذلك للثقة بحركة الجنين في الرحم، ومن هنا كانت الحكمة في أن المرأة
    المتوفى عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لتحقق براءة الرحم ببلوغ هذه المدة
    دون ظهور أثر الحمل.

    والروح: ما يحيا به الإنسان، وهو من أمر الله تعالى، كما أخبر في كتابه
    العزيز {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا
    أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا
    } [الإسراء: 85] .

    3- تحريم إسقاط الجنين: اتفق العلماء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه؛ واعتبروا ذلك
    جريمة لا يحل للمسلم أن يفعله، لأنه جناية على حيٍّ متكامل الخلق ظاهر
    الحياة.

    وإما إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه حرام أيضاً، وإلى ذلك ذهب أغلب
    الفقهاء، " وقد رخَّصَ طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاط ما في بطنها ما لم ينفخ
    فيه الروح وجعلوه كالعزل.

    4- إن الله تعالى يعلم أحوال الخلق قبل أن يخلقهم، فما يكون منهم شيء من
    إيمان وطاعة أو كفر ومعصية، وسعادة وشقاوة؛ إلا بعلم الله وإرادته، وقد تكاثرت
    النصوص بذكر الكتاب السابق؛ ففي البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي
    صلى الله عليه وسلم قال: " ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو
    النار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا
    وندع العمل؟ فقال: اعملوا فكلٌّ مَيَسَّرٌ لما خُلِقَ له، أما أهل السعادة
    فيُيَسَّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ:
    {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ
    بِالْحُسْنَى
    } [ الليل: 5-6].

    وعلى ذلك فإن عِلْمَ الله لا يَرفع عن العبد الاختيار والقصد؛ لأن العلم
    صفة غير مؤثرة بل هو صفة كاشفه، وقد أمر الله تعالى الخلق بالإيمان والطاعة، ونهاهم
    عن الكفر والمعصية، وذلك برهان على أن للعبد اختياراً وقصداً إلى ما يريد، وإلا كان
    أمر الله تعالى ونهيه عبثاً، وذلك محال، قال الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *
    قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
    } [الشمس: 7-10].

    5- الاحتجاج بالقدر: لقد أمرنا الله تعالى بالإيمان به وطاعته، ونهانا عن
    الكفر به سبحانه وتعالى ومعصيته، وذلك ما كلفنا به، وما قدره الله لنا أو علينا
    مجهول لا علم لنا به ولسنا مسؤولين عنه، فلا يحتج صاحب الضلالة والكفر والفسق بقدر
    الله وكتابته وإرادته قبل وقوع ذلك منه قال الله تعالى: {وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
    وَالْمُؤْمِنُونَ
    } [التوبة: 105].

    أما بعد وقوع المقدور فيكون الاحتجاج بالقدر مأذوناً به، لما يجد المؤمن
    من راحة عند خضوعه لقضاء الله تعالى، وقضاء الله تعالى للمؤمن يجري بالخير في صورتي
    السراء والضراء.

    قال ابن حجر الهيتمي: إن خاتمة السوء تكون - والعياذ بالله - بسبب دسيسة
    باطنية للعبد، ولا يطلع عليها الناس، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه
    خصلة خير خفية تغلب عليه آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة.
    انتهى.

    وهذا يوضح رواية ثانية للحديث: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما
    يبدو للناس … وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس … " (متفق عليه).
    الشيخ الداودي
    الشيخ الداودي
    راقي ومعالج
    راقي ومعالج


    عدد الرسائل : 1046
    ذكر

    تاريخ التسجيل : 20/07/2008
    نقاط : 1858

    شرح الاربعين النووية  Empty رد: شرح الاربعين النووية

    مُساهمة من طرف الشيخ الداودي الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 6:45


    الحديث الخامس:

    إبطالُ المنْكرات وَ البِدَع

    مفردات
    الحديث


    المعنى
    العام 1-الإسلام اتّباع لا ابتداع 2-الأعمال المردودة 3-الأعمال
    المقبولة


    ما
    يستفاد من الحديث




    عن أُمِّ المُؤمِنينَ أُمِّ عَبْدِ الله عائِشَةَرَضي اللهُ
    عنها قالَتْ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا
    هذا ما لَيْسَ منهُ فَهُوَ رَدٌّ ". رَواهُ البُخارِيُّ ومُسْلمٌ. وفي رِوايَةٍ
    لمُسْلمٍ " : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عليه أَمْرُنا فَهُوَ رَدٌّ
    ".



    مفردات الحديث:

    " من أحدث ": أنشأ واخترع من قِبَل نفسه وهواه.

    " في أمرنا ": في ديننا وشرعنا الذي ارتضاه الله
    لنا.

    " فهو رد": مردود على فاعله لبطلانه وعدم الإعتداد
    به.

    المعنى العام:

    الإسلام اتباع لا ابتداع: والرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه حفظ الإسلام من غلو المتطرفين
    وتحريف المبطلين بهذا الحديث الذي يعتبر من جوامع الكلم، وهو مستمد من آيات كثيرة
    في كتاب الله عز وجل، نَصَّت على أن الفلاح والنجاة في اتباع هدى رسول الله صلى
    الله عليه وسلم دون تزيُّدٍ أو تَنَطُّعٍ، كقوله تعالى: {قلْ إنْ كُنْتم تحِبُّونَ اللهَ فاتّبعُوني يُحببْكُم
    الله
    }[آل عمران:31].

    وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في
    خطبته:

    "خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر
    الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".

    الأعمال المردودة: والحديث نص صريح في رد كل عمل ليس عليه أمر الشارع؛ ومنطوقه يدل على
    تقييد الأعمال بأحكام الشريعة، واحتكامها كأفعال للمكلفين بما ورد في كتاب الله أو
    سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أوامر ونواهٍ، والضلال كل الضلال أن تخرج الأعمال
    عن نطاق أحكام الشريعة فلا تتقيد بها، وأن تصبح الأعمال حاكمة على الشريعة لا
    محكومة لها، ومن واجب كل مسلم حينئذ أن يحكم عليها بأنها أعمال باطلة ومردودة، وهي
    قسمان: عبادات ومعاملات.



    أ- أما العبادات: فما كان منها خارجاً عن حكم الله ورسوله بالكلية فهو
    مردود على صاحبه ومثال ذلك أن يتقرب إلى الله تعالى بسماع الأغاني، أو بالرقص، أو
    بالنظر إلى وجوه النساء.

    ب- وأما المعاملات: كالعقود والفسوخ، فما كان منافياً للشرع بالكلية فهو
    باطل ومردود، دليل ذلك ما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاءه سائل يريد
    أن يغير حد الزنى المعهود إلى فداء من المال والمتاع، فرد عليه النبي صلى الله عليه
    وسلم في الحال وأبطل ما جاء به، روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
    جاءه سائل فقال: " إن ابني كان عسيفاً (أجيراً) على فلان فزنى بامرأته، فافتديت منه
    بمائة شاة وخادم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: المئة الشاة والخادم ردٌّ عليك،
    وعلى ابنك جلد مئة وتغريب عام".

    الأعمال المقبولة: وهناك أعمال وأمور مستحدثة، لا تنافي أحكام الشريعة، بل يوجد في أدلة
    الشرع وقواعده ما يؤيدها، فهذه لا ترد على فاعلها بل هي مقبولة ومحمودة، وقد فعل
    الصحابة رضوان الله عليهم كثيراً من ذلك واستجازوه، وأجمعوا على قبوله، وأوضح مثال
    على ذلك جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في مصحف واحد، وكتابة نسخ
    منه وإرسالها إلى الأمصار مع القراء في عهد عثمان بن عفان رضي الله
    عنه..

    إن بعض الأعمال المستحدثة المخالفة لشرع الله هي بدع سيئة وضالة، وبعض
    الأعمال المستحدثة لا تخالف الشرع، بل هي موافقة له مقبولة فيه، فهذه أعمال مقبولة
    ومحمودة، ومنها ما هو مندوب، ومنها ما هو فرض كفاية، ومن هنا قال الشافعي رحمه الله
    تعالى: " ما أُحدِثَ وخالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة،
    وما أُحْدِثَ من الخير ولم يخالف شيئاَ من ذلك فهو البدعة المحمودة
    ".

    يفيد الحديث: أن من ابتدع في الدين بدعة لا توافق الشرع فإثمها عليه، وعمله مردود
    عليه، وأنه يستحق الوعيد.

    وفيه أن النهي يقتضي الفساد. وأن الدين الإسلامي كامل لا نقص
    فيه.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 9:13