في إعلام الله تعالى
خلقه بصلواته عليه و ولايته له و رفعه العذاب بسببه
قال الله تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ، أي
ما كنت بمكة ، فلما خرج النبي صلى الله عليه و سلم من مكة ، و بقي من المؤمنين نزل
: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون [ سورة الأنفال / 8 ، الآية 33 ] .
و هذا مثل قوله : لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما [ سورة الفتح /
48 ، الآية 25 ] .
و قوله تعالى : ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم
معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء : فلما هاجر المؤمنون نزلت : وما لهم
أن لا يعذبهم الله [ سورة الأنفال / 8 ، الآية 34 ] .
و هذا من أبين ما يظهر مكانته صلى الله عليه و سلم ، و درأ به العذاب عن أهل مكة
بسبب كونه ، ثم كون أصحابه بعده [ 17 ] بين أظهرهم ، فلما خلت مكة منهم عذبهم الله
بتلسيط المؤمنين عليهم ، و غلبتهم إياهم ، و حكم فيهم سيوفيهم ، و أورثهم أرضهم و
ديارهم و أموالهم .
و في الآية أيضاً تأويل آخر :
حدثنا القاضي الشهيد أبو علي رحمه الله بقراءتي عليه ، قال : حدثنا أبو الفضل بن
خيرو ن ، و أبو الحسين الصيرفي ، قالا : حدثنا أبو يعلى ابن زوج الحرة ، حدثنا أبو
علي السنجي ، حدثنا محمد بن محبوب المروزي ، حدثنا أبو عيسى الحافظ ، حدثنا سفيان
بن وكيع ، حدثنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عباد بن يوسف ،
عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أنزل الله علي أمانين لأمتي ، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم
وهم يستغفرون فإذا مضيت تركت فيهم الإستغفار .
و نحو منه قوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ سورة الأنبياء / 21 ،
الآية 107 ] .
و قال عليه السلام : أنا أمان لأصحابي . قيل : من البدع .
و قيل : من الإختلاف و الفتن .
قال بعضهم : الرسول صلى الله عليه و سلم هو الأمان الأعظم ما عاش ، و ما دامت سنته
باقية فهو باق ، فإذا أميتت سنته فانتظر البلاء و الفتن .
و قال الله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا
عليه وسلموا تسليما [ سورة الأحزاب / 33 ، الآية 56 ] .
أبان الله تعالى فضل نبيه صلى الله عليه و سلم بصلواته عليه ، ثم بصلاة ملائكته ،
و أ مر عباده بالصلاة و التسليم عليه .
[ و قد حكى أبوبكر بن فورك أن بعض العلماء تأول قوله عليه السلام : و جعلت قرة
عيني في الصلاة على هذا ، أي في صلاة الله تعالى علي و ملائكته و أمره الأمة بذلك
إلى يوم القيامة ] . و الصلاة من الملائكة [ استغفار ] ، و منا له دعاء ، و من
الله عز و جل رحمة .
و قيل : يصلون : يباركون .
و قد فرق النبي صلى الله عليه و سلم ـ حين علم الصلاة عليه بين لفظ الصلاة و
البركة .
و سنذكر حكم الصلاة عليه .
و ذكر بعض المتكلمين في تفسير حروف كهيعص أن الكاف من [ كاف ] ، أي كفاية الله
تعالى لنبيه ، قال تعالى : أليس الله بكاف عبده [ سورة الزمر / 39 ، الآية 36 ] .
و الهاء هدايته له ، قال : ويهديك صراطا مستقيما [ سورة الفتح / 48 ، الآية 2 ] .
و الياء تأييده ، قال : هو الذي أيدك بنصره [ سورة الأنفال / 8 ، الآية 62 ] .
و العين عصمته له قال : والله يعصمك من الناس [س المائدة / 5 ، الآية 67 ] .
و الصاد : صلواته عليه ، قال : إن الله وملائكته يصلون على النبي [ سورة الأحزاب /
33 ، الآية 56 ] .
و قال تعالى : وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة
بعد ذلك ظهير ، مولاه أي وليه . و صالح المؤمنين : قيل : الأنبياء . و قيل :
الملائكة . و قيل : أبوبكر ، و عمر .
و قيل : علي . و قيل : المؤمنون على ظاهره .