فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين
252- عن حَارِثَة بْنِ وهْب رضي اللَّه عنه قال : سمعتُ رسولَ
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجنَّةِ ؟ كُلُّ ضَعيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ
أَقْسَم عَلَى اللَّه لأبرَّه ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بَأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ
عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ » . متفقٌ
عليه .
« الْعُتُلُّ » :
الْغَلِيظُ الجافِي . « والجوَّاظُ » بفتح
الجيم وتشدِيدِ الواو وبِالظاءِ المعجمة وَهُو الجمُوعُ المنُوعُ ، وَقِيلَ :
الضَّخْمُ المُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ ، وقيلَ : الْقَصِيرُ الْبَطِينُ
.
253- وعن أَبي العباسِ سهلِ بنِ سعدٍ الساعِدِيِّ رضي اللَّه عنه قال :
مرَّ رجُلٌ على النَبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالَ لرجُلٍ
عِنْدهُ جالسٍ : « ما رَأَيُكَ فِي هَذَا ؟ » فقال : رَجُلٌ مِنْ أَشْرافِ النَّاسِ هذا وَاللَّهِ حَريٌّ إِنْ خَطَب
أَنْ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَع أَنْ يُشَفَّعَ . فَسَكَتَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم ، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخرُ ، فقال له رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم :
« مَا رأُيُكَ فِي هَذَا ؟ » فقال : يا رسولَ اللَّه هذا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ،
هذَا حريٌّ إِنْ خطَب أَنْ لا يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَع أَنْ لا يُشَفَّعَ، وَإِنْ
قَالَ أَنْ لا يُسْمع لِقَوْلِهِ . فقال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
: « هَذَا خَيْرٌ منْ مِلءِ الأَرْضِ مِثْلَ هذَا» متفقٌ
عليه .
قوله : « حَرِيُّ » هو بفتحِ
الحاءِ وكسر الراءِ وتشديد الياءِ : أَيْ حقِيقٌ . وقوله: «شَفَعَ» بفتح
الفاءِ .
254- وعن أَبي سعيدٍ الخدري رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم قال : «احْتجَّتِ الجنَّةُ والنَّارُ فقالت النَّارُ : فيَّ الجبَّارُونَ
والمُتَكَبِّرُونَ ، وقَالتِ الجَنَّةُ : فيَّ ضُعفَاءُ النَّاسِ ومسَاكِينُهُم
فَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُما : إِنَّك الجنَّةُ رحْمتِي أَرْحَمُ بِكِ مَـنْ أَشَاءُ
، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذابِي أُعذِّب بِكِ مَــنْ أَشَاءُ ، ولِكِلَيكُمَا عَلَيَّ
مِلؤُها » رواه مسلم
.
255- وعن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّهُ لَيأتِي الرَّجُلُ السَّمِينُ العْظِيمُ يَوْمَ الْقِيامةِ لا
يزنُ عِنْد اللَّه جنَاحَ بعُوضَةٍ » متفقٌ
عَلَيه .
256- وعنه أَنَّ امْرأَةً سوْداءَ كَانَتَ تَقُمُّ المسْجِد ، أَوْ
شَابّاً ، فَفقَدَهَا ، أو فقده رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ،
فَسَأَلَ عَنْهَا أَوْ عنْهُ ، فقالوا : مات . قال :
« أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي »
فَكَأَنَّهُمْ صغَّرُوا أَمْرَهَا ، أَوْ أَمْرهُ ، فقال : دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ » فدلُّوهُ
فَصلَّى عَلَيه ، ثُمَّ قال : « إِنَّ هَذِهِ الْقُبُور مملُوءَةٌ ظُلْمةً عَلَى أَهْلِهَا ، وإِنَّ
اللَّه تعالى يُنَوِّرهَا لَهُمْ بصَلاتِي عَلَيْهِمْ » متفقٌ
عليه .
قوله : « تَقُمُّ هو بفتحِ
التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ : أَيْ تَكنُسُ . « وَالْقُمَامةُ » :
الْكُنَاسَةُ . «وَآذَنْتُمونِي » بِمدِّ
الهَمْزَةِ : أَيْ : أَعْلَمتُمُونِي .
257- وعنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
« رُبَّ أَشْعثَ أغبرَ مدْفُوعٍ بالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسمَ عَلَى
اللَّهِ لأَبرَّهُ » رواه مسلم
.
258- وعن أُسامَة رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
قال : « قُمْتُ عَلَى بابِ الْجنَّةِ ، فَإِذَا عامَّةُ مَنْ دخَلَهَا
الْمَسَاكِينُ ، وأَصْحابُ الجَدِّ محْبُوسُونَ غيْر أَنَّ أَصْحاب النَّارِ قَدْ
أُمِر بِهِمْ إِلَى النَّارِ . وقُمْتُ عَلَى بابِ النَّارِ فَإِذَا عامَّةُ منْ
دَخَلَهَا النِّسَاءُ » متفقٌ
عليه .
« وَالجَدُّ » بفتحِ
الجيم : الحظُّ والْغِني . وقوله : « محْبُوسُونَ » أَيْ :
لَمْ يُؤذَنْ لهُمْ بَعْدُ فِي دُخُول الجَنَّةِ .
259- وعن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم قال : « لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي المَهْدِ إِلاَّ ثَلاثَةٌ : عِيسى ابْنُ مرْيَمَ
، وصَاحِب جُرَيْجٍ ، وكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِداً ، فَاتَّخَذَ صَوْمَعةً
فكانَ فِيهَا ، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهَو يُصلي فَقَالَتْ : يا جُرَيْجُ ، فقال :
يَارَبِّ أُمِّي وَصَلاتِي فَأَقْبلَ عَلَى صلاتِهِ فَانْصرفَتْ فَلَمَّا كَانَ
مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وهُو يُصَلِّي ، فقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، فقال : أَيْ
رَبِّ أُمِّي وَصَلاتِي . فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَد
أَتَتْهُ وَهُو يُصَلِّي فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ فقال : أَيْ رَبِّ أُمِّي
وَصَلاتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاتِهِ ، فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ لا تُمِتْه حَتَّى
ينْظُرَ إِلَى وُجُوه المومِسَاتِ . فَتَذَاكَّرَ بَنُو إِسْرائِيلَ جُريْجاً
وَعِبَادَتهُ ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا ، فَقَالَتْ :
إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ ، فتعرَّضَتْ لَهُ ، فَلَمْ يلْتَفِتْ إِلَيْهَا ،
فَأَتتْ رَاعِياً كَانَ يَأَوي إِلَى صوْمعَتِهِ ، فَأَمْكنَتْهُ مِنْ نفسها فَوقَع
علَيْهَا . فَحملَتْ ، فَلَمَّا وَلدتْ قَالَتْ : هُوَ جُرَيْجٌ ، فَأَتَوْهُ
فاسْتنزلُوه وهدَمُوا صوْمعَتَهُ ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونهُ ، فقال : ما شَأْنُكُمْ
؟ قالوا: زَنَيْتَ بِهذِهِ الْبغِيِّ فَولَدتْ مِنْك . قال : أَيْنَ الصَّبِيُّ ؟
فَجاءَوا بِهِ فقال : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّي فَصلىَّ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى
الصَّبِيَّ فَطَعنَ فِي بطْنِهِ وقالَ : يا غُلامُ مَنْ أَبُوكَ ؟ قال : فُلانٌ
الرَّاعِي ، فَأَقْبلُوا علَى جُرَيْجُ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ
وقَالُوا : نَبْنِي لَكَ صوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قال : لا، أَعيدُوهَا مِنْ طِينٍ
كَمَا كَانَتْ ، فَفَعَلُوا . وَبيْنَا صَبِيٌّ يرْضعُ مِنْ أُمِّهِ ، فَمَرَّ
رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارةٍ حَسَنَةٍ فَقالت أُمُّهُ :
اللَّهُمَّ اجْعَل ابْنِي مثْلَ هَذَا ، فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ
فَنَظَرَ إِلَيْهِ فقال : اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلهُ ، ثُمَّ أَقَبَلَ
عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعْلَ يَرْتَضِعُ»
فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
وَهُوَ يحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِأُصْبُعِه السَّبَّابةِ فِي فِيهِ ، فَجَعلَ
يَمُصُّهَا، قال :
« وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا، وَيَقُولُونَ :
زَنَيْتِ سَرَقْتِ ، وَهِي تَقُولُ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوكِيلُ . فقالت
أُمُّهُ : اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا ، فَتَركَ الرِّضَاعَ وَنَظَرَ
إِلَيْهَا فقال : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا ، فَهُنالِكَ تَرَاجَعَا
الحَدِيثِ فقالَت : مَرَّ رَجُلٌ حَسنُ الهَيْئَةِ فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْ
ابْنِي مِثْلَهُ فَقُلْتَ : اللَّهُمَّ لا تَجْعَلنِي مِثْلَهُ ، وَمَرُّوا
بِهَذِهِ الأَمَةِ وَهُم يَضْربُونَهُا وَيَقُولُونَ : زَنَيْتِ سَرَقْتِ ،
فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا فَقُلْتَ : اللَّهُمَّ
اجعَلْنِي مِثْلَهَا ؟، قَالَ : إِنَّ ذلِكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّاراً فَقُلت :
اللَّهُمَّ لا تجْعَلْنِي مِثْلَهُ ، وإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لها زَنَيْتِ ،
وَلَمْ تَزْنِ ، وَسَرقْت ، وَلَمْ تَسْرِقْ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي
مِثْلَهَا » متفق
عليه.
« والمُومِسَاتُ » : بضَمِّ
الميم الأُولَى ، وإِسكان الواو وكسر الميم الثانيةِ وبالسين المهملَةِ وهُنَّ
الزَّوانِي . والمُومِسةُ : الزانية . وقوله : « دابَّةً فَارِهَة »
بِالْفَاءِ : أَي حاذِقَةٌ نَفِيسةٌ . «الشَّارَةُ »
بِالشِّينِ المعْجمةِ وتَخْفيفِ الرَّاءِ : وَهِي الجمالُ الظَّاهِرُ فِي الهيْئَةِ
والملْبسِ . ومعْنى وصل « ترَاجعا الحدِيث » أَيْ :
حدَّثَتِ الصَّبِي وحدَّثَهَا ، واللَّه أعلم .
33- باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضَّعَفة والمساكين
والمنكسرين
والإِحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم
260- عن سعد بن أَبي وَقَّاص رضي اللَّه عنه قال : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم سِتَّةَ نفَر ،
فقال المُشْرِكُونَ للنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : اطْرُدْ هُؤُلاءِ لا
يَجْتَرِئُون عليْنا ، وكُنْتُ أَنا وابْنُ مسْعُودٍ ورجُل مِنْ هُذَيْلِ وبِلال
ورجلانِ لَستُ أُسمِّيهِما ، فَوقَعَ في نَفْسِ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم ما شاءَ اللَّه أَن يقعَ فحدث نفْسهُ ، فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى :
{ ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُون رَبَّهُمْ بالْغَداةِ والعَشِيِّ
يُريدُونَ وجْهَهُ } [
الأنعام : 52 ] رواه مسلم.
261- وعن أَبي هُبيْرةَ عائِذِ بن عمْرو المزَنِيِّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ
بيْعةِ الرِّضوانِ رضي اللَّه عنه، أَنَّ أَبا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سلْمَانَ
وصُهَيْب وبلالٍ في نفَرٍ فقالوا :
ما أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّه مِنْ عدُوِّ اللَّه مَأْخَذَهَا
، فقال أَبُو بَكْرٍ رضي اللَّه عنه : أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُريْشٍ وَسيِّدِهِمْ؟ فَأَتَى
النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَأَخْبرهُ فقال : يا أَبا بَكْر لَعلَّكَ أَغْضَبتَهُم ؟ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ
لَقَدْ أَغْضَبتَ رَبَّكَ ؟
فأَتَاهُمْ فقال : يا إِخْوتَاهُ آغْضَبْتُكُمْ ؟ قالوا
: لا ، يغْفِرُ اللَّه لَكَ يا أُخَيَّ . رواه مسلم
.
قولُهُ « مَأْخَذَهَا » أَيْ :
لَمْ تَسْتَوفِ حقَّهَا مِنْهُ . وقولُهُ : « يا أُخيَّ » رُوِي
بفتحِ الهمزةِ وكسر الخاءِ وتخفيفِ الياءِ ، ورُوِي بضم الهمزة وفتحِ الخاءِ وتشديد
الياءِ.
262- وعن سهلِ بن سعدٍ رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «أَنَا وكافلُ الْيتِيمِ في الجنَّةِ هَكَذَا »
وأَشَار بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، وفَرَّجَ بَيْنَهُمَا
» . رواه البخاري.
و « كَافِلُ الْيتِيم » :
الْقَائِمُ بِأُمُورِهِ .
263- وعن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم : «كَافِل الْيتيمِ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ . أَنَا وهُوَ كهَاتَيْنِ في
الجَنَّةِ » وَأَشَارَ
الرَّاوي وهُو مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بِالسَّبَّابةِ والْوُسْطى . رواه مسلم
.
وقوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الْيَتِيمُ لَه أَوْ لِغَيرهِ » معناهُ :
قَرِيبهُ ، أَوْ الأَجنَبِيُّ مِنْهُ، فَالْقرِيبُ مِثلُ أَنْ تَكْفُلَه أُمُّه
أَوْ جدُّهُ أَو أخُوهُ أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ قَرَابتِهِ ، واللَّه أَعْلَم
.
264- وعنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
« لَيْسَ المِسْكِينُ الذي تَرُدُّهُ التَّمْرةُ وَالتَّمْرتَانِ، ولا
اللُّقْمةُ واللُّقْمتانِ إِنَّمَا المِسْكِينُ الذي يتَعَفَّفُ
» متفقٌ عليه .
وفي رواية في « الصحيحين » : « لَيْسَ المِسْكِينُ الذي يطُوفُ علَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمةُ
واللُّقْمتَان ، وَالتَّمْرةُ وَالتَّمْرتَانِ ، ولَكِنَّ المِسْكِينَ الذي لا
يَجِدُ غِنًى يُغنْيِه ، وَلا يُفْطَنُ بِهِ فيُتصدَّقَ عَلَيهِ ، وَلا يَقُومُ
فَيسْأَلَ النَّاسَ »
.
265- وعنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال :
« السَّاعِي علَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالمُجاهِدِ في سبيلِ
اللَّه »
وأَحْسُبهُ قال : « وَكَالْقائِمِ الَّذي لا يَفْتُرُ ، وَكَالصَّائِمِ لا
يُفْطِرِ»
متفقٌ عليه .
266- وعنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال :
« شَرُّ الطَّعَام طَعَامُ الْوليمةِ ، يُمْنَعُها مَنْ يأْتِيهَا ،
ويُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا ، ومَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوةَ فَقَدْ عَصَى
اللَّه ورَسُولُهُ» رواه
مسلم.
وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرةَ من قوله : « بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا
الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ »
.
267- وعن أَنس رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
قال : « مَنْ عَالَ جَارِيتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَومَ القِيامَةِ
أَنَا وَهُو كَهَاتَيْنِ » وَضَمَّ
أَصَابِعَهُ . رواه مسلم .
« جَارِيَتَيْنِ » أَيْ :
بِنْتَيْنِ .
268- وعن عائشةَ رضي اللَّه عنها قالت : دَخَلَتَ عليَّ امْرَأَةٌ ومعهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَم
تَجِدْ عِنْدِى شَيْئاً غَيْرَ تَمْرةٍ واحِدةٍ ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا
فَقَسَمتْهَا بَيْنَ ابنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قامتْ فَخَرَجتْ ،
فَدخلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلَيْنَا ، فَأَخْبرتُهُ
فقال:
« مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ
إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْراً من النَّارِ » متفقٌ
عليه .
269- وعن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها قالت : جَاءَتنى مِسْكِينَةٌ تَحْمِل ابْنْتَيْن لها ، فَأَطعمتهَا ثَلاثَ
تَمْرَاتٍ ، فَأَعطتْ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرفعتْ إِلى فيها تَمْرةً
لتَأَكُلهَا ، فاستطعمتها ابْنَتَاهَا ، فَشَقَّت التَّمْرَةَ التى كَانَتْ تُريدُ
أَنْ تأْكُلهَا بيْنهُمَا ، فأَعْجبنى شَأْنَها ، فَذَكرْتُ الَّذي صنعَتْ لرسول
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال :
« إن اللَّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجنَّةَ ، أَو أَعْتقَها بِهَا
مَن النَّارِ » رواه مسلم
.
270- وعن أبي شُريْحٍ خُوَيْلِدِ بْنِ عَمْروٍ الخُزاعِيِّ رضي اللَّهُ
عنه قال : قال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « اللَّهُمَّ إِنِّى أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعيفينِ الْيَتِيمِ والمرْأَةِ
» حديث حسن صحيح رواه النسائى بإِسناد جيدٍ .
ومعنى « أُحَرِّجُ » : أُلحقُ
الحَرَجَ ، وَهُوَ الإِثْمُ بِمَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُما ، وَأُحَذِّرُ منْ ذلكَ
تَحْذيراً بَلِيغاً ، وَأَزْجُرُ عَنْهُ زَجْراً أَكيداً
.
271- وعن مُصْعبِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضي اللَّه عنهما : رأَى
سعْدٌ أَنَّ لَهُ فَضْلاً علَى مَنْ دُونهُ ، فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم : « هَل تُنْصرُونَ وتُرزقُونَ إِلاَّ بِضُعفائِكُم» رواه
البخاري هَكَذا مُرسلاً ، فَإِن مصعَب ابن سعد تَابِعِيُّ ، ورواه الحافِظُ أَبو
بكر الْبَرْقَانِى في صحيحِهِ مُتَّصلاً عن أَبيه رضي اللَّه عنه
.
272- وعن أبي الدَّرْداءِ عُوَيْمرٍ رضي اللَّه عنه قال : سمِعتُ رسولَ
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : «ابْغونِي في الضُّعَفَاءَ ، فَإِنَّمَا تُنْصرُونَ ، وتُرْزقون
بضُعفائِكُمْ » رواه أَبو
داود بإسناد جيد .