مقدمة
بسم
الله والحمد لله والصلاة و السلامعلى نبينا الاَكرم المبعوث رحمة للعالمين، هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه سراجاً وهاجاً وقمراً منيراً،
فهدى الله به الأمة وكشف به عنها الغمة، وبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى
نبياً عن أمته.
أما بعد :
اعلم _ ارشدك الله لطاعته _ أن الله عزوجل أرسل خاتم النبيين وسيد المرسلين
المبعوث رحمة للعالمين برسالة عامـة تامـة باقـية ليست بحاجة إلي الزيادة وإحداث
البدع كما قال تعالي في كتابه العزيز : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} ( المائدة :3) ، ومما
لا شك فيه أن للابتداع في الدين خطر عظيم علي الفرد والأمة ، فالمبتدع في الدين يعرض
عمله للرد وعدم القبول فعن عائشة رضي الله
عنها قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)1 والمبتـدع
يسوق الاُمّة إلى سبيل منحرف ينتهي إلى الفرقة
والتناحر والاقتتال ، بدلاً من السبيل السوي الذي اختاره الحق جلا وعلا لعباده {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، فشتان شتان بين
طريق البدع وطريق النور، وصاحب البدعة والمتمسك
بكتاب الله وسنة الرسول ،فصاحب البدعة قلبه ميت مظلم ذو وجه مسود يوم لا ينفع مال
ولا بنين إلا من أتي الله بقلب سليم وصاحب السنة قلبه حي مستنير منقاد لأمر الله
متبع للرسول كما قال تعالي :(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوه) (ال عمران :106)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
- الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1718
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه
أهل البدعة والتفرق)1ففي التمسك بكتاب الله وسنة
نبيه –صلي الله عليه وسلم - النجاة من الفرقة والوقوع في البدع ومحدثات الأمور وفيه
الهداية إلي الصراط المستقيم والنجاة من
عذاب الجحيم ،ولخطورة تأثير البدع علي
القلوب و الدين فما ابتدع قوما في دين
الله إلا واضاعوا من السنة مثلها أو شد لذا سوف نشرع بإذن الله تعالي في التعرف
علي البدع في الصفحات القليلة القادمة
وذلك من خلال المباحث التالية :
1- مفهوم البدعة ويندرج تحت هذا المبحث عدة نقاط :
أ-تعريف البدعة لغةً
واصطلاحاً .
ب-مقارنة بين
المعني اللغوي والاصطلاحي للبدعة.
ج-الرد علي من
قال أن هناك بدعة حسنة في الدين.
2
- بعض النصوص الواردة
في كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم وأقوال بعض السلف في الحث علي الاتباع
وعدم الابتدع.
3- أسباب الوقوع في الابتداع ويندرج تحت هذا المبحث ثلاث نقاط:
أ-أنواع البدع .
ب- سبب ظهور النوع الأول من البدع– بدع الاعتقادات- وأمثلة له.
ج- سبب ظهور النوع الثاني من البدع– بدع العبادات- وأمثلة له.
ــــــــــــــــــــ
1- ابن القيم في
اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/39.
المبحث الأول :مفهوم
البدعة
البدعة لغة:
الحدث في الدين بعد
الإكمال، أو ما استحدث بعد النبي-صلي الله عليه وسلم-من الأهواء والأعمال([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ويقال: (ابتدعتُ الشيء، قولاً أو فعلاً إذا ابتدأته عن غير مثال سابق))
ومنه قوله تعالى:]بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [( البقرة :117 ، الأنعام :101).
وقال ابن فارس: "الباء والدال
والعين" أصلان لشيئين:
أحدهما:
ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق مثال، والله بديع السموات والأرض.
الثاني:
الانقطاع والكلال كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلت وعطبت(3).
وقال ابن السكيت: البدعة كلّ محدثة(4).
البدعة شرعًا:
اختلاف العلماء في تحديد معني البدعة شرعاً
فمنهم من عرفها علي إنها مخالفة للسنة ومذمومة شرعا ومنهم من وسع مفهومها فأطلق البدعة على كل محدثة لم توجد في كتاب الله
سبحانه وتعالى ولافي سنة رسوله صلى
الله عليه و سلم سواء كانتمحمودة أومذمومة .
وقدسار على أحد هذين القولين علماء أجلاء وكل منهم يقصد الوصول إلى الحق والصواب ونفصل هذاين القولين فيما
يلي :
القول الأول :
أن البدعةمخالفة للسنة ومذمومة شرعاً لأنها محدثة لا أصل لها
في الشرعوعلى هذا الإمام مالكوالبيهقيوالطرطوشي وشيخ الإسلام ابن تيمية والزركشي وابن رجب والشُّمَنِي
الحنفي والشاطبي وغيرهم .
قال
الشاطبي:البدعة هي طريقة
في الدين مخترعةتضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه
وهذا على رأي منلا يدخل العادات في معنىالبدعة وإنما
يخصها بالعبادات، وأما
على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول : ( البدعة طريقة في الدين
مخترعة تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) (1).
قال ابن رجب: "والمراد بالبدعة ما أحدِث مما
لا أصل له في الشريعة يدلّ عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس
ببدعة شرعًا وإن كان بدعة لغة "(2).
قال السيوطي: "البدعة عبارة عن فعلةٍ تصادم الشريعة بالمخالفة أو توجب
التعاطي عليها بزيادة أو نقصان"3.
قال ابن تيمية: "البدعة في الدين هي
ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر
به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من الدين الذي شرعه
الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى
الله عليه وسلم أو لم يكن"(4).
ــــــــــــــ
1-الاعتصام (1/37)
2-
جامع العلوم والحكم (ص 265).
3-
الأمر بالاتباع (ص 88).
4-
مجموع الفتاوى (4/ 107-108).
القول الثاني :
وهو أن البدعةتطلقعلى كل محدثة لم توجد في كتاب الله
سبحانه وتعالى ولافي سنة رسوله صلى
الله عليه و سلم سواء كانتمحمودة أومذمومة وقد قسم هؤلاء العلماء البدعة إلي حسنة وسيئة وعلي هذا
الأساس قسموا البدع إلي خمسة أقسام واجبة أو مندوبة أو
مباحة أو مكروهة أو محرمة.وهذا القول قال به العز ابن
عبد السلام وابن الجوزي وأبو شامة المقدسي والنوويوالعينيوابن
الأثير والقرافيوالحافظ ابن حجر
والسيوطي والغزالي وغيرهم.
واستدلوا علي وجود بدعة حسنة بحديث
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ
مُتَفَرِّقُونَ ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ
فَيُصَلِّي بِصَلاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ
هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ
عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى ، وَالنَّاسُ
يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قَارِئِهِمْ ، قَالَ عُمَرُ : نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ ،
وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ - يُرِيدُ آخِرَ
اللَّيْلِ - وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. رواه البخاري ( 1906 ).يقصد هنا البدعة اللغوية لا الشرعية؛ لأن البدعة شرعا ما ليس له أصل في الشرع يرجع
إليه ولكن صلاة التراويح في رمضان جماعة لها أصل في الدين.
مقارنة بين
المعني اللغوي والشرعي للبدعة:بعد التعرف علي المعني
اللغوي والشرعي للبدعة يتضح أن المعنى اللغوي للبدعة أعمّ منالمعنى الشرعي، فالعلاقة بينهما العموم والخصوص
المطلق؛ إذ كل بدعة في الشرع يطلقعليها لغة أنها بدعة، وليس كل ما يطلق عليه في
اللغة أنه بدعةٌ بدعةً فيالشرع.
والبدعة في الشرع ملازمة لصفة الضلالة؛ للحديث
الوارد: ((كل بدعةضلالة)) ، وأما البدعة بمعناها اللغوي فليست
كلها ملازمة لوصفالضلالة.
الرد علي من
قال أن هناك بدعة حسنة في الدين:
بعد النظر في قولي
العلماء يترجح القول الثاني وهو عدم وجود بدعة حسنة في الدين وأن كل البدع مذمومة
وللرد علي من قال أن هناك بدعة حسنة وعلي الشبهات الناتجة من هذا القول نقول
الأتي:
1- أنّ النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " كلّ محدثة
بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " (1)
وكذلك قوله كان صلى الله عليه وسلم يقول إِذَا خَطَبَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ
بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ .. " (2)
فإذا كانت كلّ بدعة ضلالة فكيف بقال بعد ذلك أنّ هناك في الإسلام بدعة حسنة
2-أنّه يلزم من إقرار البدعة الحسنة
اتهام النبي صلى الله
عليه وسلم بجهله بهذه البدعة الحسنة !! أو أنه قد علمها وكتمها
وغشّ الأمة فلم يبلّغها ،وكذلك أن أجر هذه البدعة
قد فات النبي ى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح حتى جاء هذا المبتدع ليكسبه ، مع
أنّه كان ينبغي عليه أن يقول في نفسه " لو كان خيرا لسبقونا إليه".
3-إن العمل بالبدع يؤدي
إلى إلغاء السنن والعكس صحيح .
بعض النصوص الواردة في كتاب الله وسنة نبيه-صلي الله عليه وسلم- وأقوال بعض
السلف في الحث علي الاتباع وعدم الابتدع :
النصوص من كتاب الله سبحانه وتعالى:
قال
الله تعالى: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ
ٱضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ} [المائدة: 3].
قال ابن عباس: (أخبر الله نبيه صلى الله
عليه وسلم والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه
الله فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه فلا يسخطه أبدًا)3.
2-
وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ
فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل
عمران: 31].
1-رواه النسائي في سننه :
صلاة العيدين : باب كيف الخطبة والشاهد من هذا الحديث مروي من طريق جابر رضي الله
عنه عند أحمد ومن طريق العرباض بن سارية عند أبي داود ومن طريق ابن مسعود رضي الله
عنه عند ابن ماجة .
2- رواه مسلم رقم
867.-
3-جامع
البيان (4/419).
3-
وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا
تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115].
4-
وقال تعالى: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا
فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ
وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
5-
وقال تعالى: {ٱتَّبِعُواْ
مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء
قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3].
6-
وقال تعالى: {وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء
فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم
بِـئَايَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ
ٱلأمّىَّ} [الأعراف: 156، 157].
7-
وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ
وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20].
8-
وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
9-
وقال تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ
فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ} [طه: 123].
10-
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
[النور: 63].
11-
وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ
بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ}
[القصص: 50].
12-
وقال تعالى: {وَٱتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ
إِلَيْكُم مّن رَّبّكُـمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً
وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55].
13-
وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ
هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ
تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
14-
وقال تعالى: {وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ} [الحشر: 7].
بعض النصوص من السنة النبوية:
1-
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وقد
تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله))1.
2-
عن أبي شريح الخزاعي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا وأبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول
الله؟!)) قالوا: نعم، قال: ((فإن هذا القرآن سببٌ
طرفُه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضلّوا ولن تهلكوا بعده
أبدًا))2.
3-
عن
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خطب: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر
الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))3.
4-
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات
يوم ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال
قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودّع فماذا تعهد إلينا؟ قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًا، فإنه
مَنْ يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين
الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثة
بدعة، وكل بدعة ضلالة))4.
بعض النصوص
المنقولة عن السلف الصالح وأتباعهم:
1- قال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: (إياكم وأصحاب الرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث
أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا)5.
2- وقال أيضا:(سيأتي
قوم يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله)6.
1-صحيح
مسلم: كتاب الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218)، ورواه أبو داود
(1905)، وابن ماجه (3074).
2-رواه ابن حبان في صحيحه (122)، وقال
الهيثمي في مجمع الزوائد (1/169): "رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال
الصحيح"، وقد صححه الألباني في صحيح الترغيب (1/93).
3-صحيح مسلم: كتاب الجمعة، باب: تخفيف
الصلاة (867).
4-رواه أحمد (4/126)، وأبو داود (5/13)،
والترمذي وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه (1/15)، والدارمي (1/57)، والحاكم
(1/95) وقال: "صحيح ليس له علة"، وقال الألباني: "سنده صحيح"،
ونقل تصحيحه عن الضياء المقدسي في مشكاة المصابيح (165).
5-سنن
الدارقطني: الوصايا (4/146)، وجامع بيان العلم (2/123)، وشرح اعتقاد أهل السنة
(1/123).
6-سنن الدرامي (1/49)، وجامع بيان العلم
(2/123)، وشرح اعتقاد أهل السنة (1/123)، والإبانة لابن بطة (1/250) وقال المحقق:
"إسناده صحيح".
3- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
(إنها ستكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتؤدة، فإن الرجل يكون تابعاً في الخير، خير
من أن يكون رأساً في الضلالة).1
4- وقال ابن مسعود أيضاً: (إنكم أصبحتم
على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول)2.
5- وقال أيضاً: (إياكم وما يحدث الناس
من البدع، فإن الدين لا يذهب من القلوب بمرّة، ولكن الشيطان يحدث له بدعاً، حتى
يخرج الإيمان من قلبه، ويوشك أن يدع الناس ما ألزمهم الله من فرضه في الصلاة
والصيام والحلال والحرام، ويتكلمون في ربهم عز وجل، فمن أدرك ذلك الزمان فليهرب)،
قيل: يا أبا عبد الرحمن، فإلى أين؟ قال: (إلى لا أين)، قال: (يهرب بقلبه ودينه، لا
يجالس أحداً من أهل البدع)3.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]- القاموس
المحيط، باب العين، فصل الدال، ص 906، ولسان العرب، 8/6، وفتاوى ابن تيمية،
35/414.
2- مقاييس اللغة لابن
فارس، ص 119.
3-مقاييس اللغة (1/209) .
4- لسان العرب (9/ 351).
بسم
الله والحمد لله والصلاة و السلامعلى نبينا الاَكرم المبعوث رحمة للعالمين، هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه سراجاً وهاجاً وقمراً منيراً،
فهدى الله به الأمة وكشف به عنها الغمة، وبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى
نبياً عن أمته.
أما بعد :
اعلم _ ارشدك الله لطاعته _ أن الله عزوجل أرسل خاتم النبيين وسيد المرسلين
المبعوث رحمة للعالمين برسالة عامـة تامـة باقـية ليست بحاجة إلي الزيادة وإحداث
البدع كما قال تعالي في كتابه العزيز : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} ( المائدة :3) ، ومما
لا شك فيه أن للابتداع في الدين خطر عظيم علي الفرد والأمة ، فالمبتدع في الدين يعرض
عمله للرد وعدم القبول فعن عائشة رضي الله
عنها قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد ) أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)1 والمبتـدع
يسوق الاُمّة إلى سبيل منحرف ينتهي إلى الفرقة
والتناحر والاقتتال ، بدلاً من السبيل السوي الذي اختاره الحق جلا وعلا لعباده {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، فشتان شتان بين
طريق البدع وطريق النور، وصاحب البدعة والمتمسك
بكتاب الله وسنة الرسول ،فصاحب البدعة قلبه ميت مظلم ذو وجه مسود يوم لا ينفع مال
ولا بنين إلا من أتي الله بقلب سليم وصاحب السنة قلبه حي مستنير منقاد لأمر الله
متبع للرسول كما قال تعالي :(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوه) (ال عمران :106)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
- الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1718
خلاصة حكم المحدث:
صحيح
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه
أهل البدعة والتفرق)1ففي التمسك بكتاب الله وسنة
نبيه –صلي الله عليه وسلم - النجاة من الفرقة والوقوع في البدع ومحدثات الأمور وفيه
الهداية إلي الصراط المستقيم والنجاة من
عذاب الجحيم ،ولخطورة تأثير البدع علي
القلوب و الدين فما ابتدع قوما في دين
الله إلا واضاعوا من السنة مثلها أو شد لذا سوف نشرع بإذن الله تعالي في التعرف
علي البدع في الصفحات القليلة القادمة
وذلك من خلال المباحث التالية :
1- مفهوم البدعة ويندرج تحت هذا المبحث عدة نقاط :
أ-تعريف البدعة لغةً
واصطلاحاً .
ب-مقارنة بين
المعني اللغوي والاصطلاحي للبدعة.
ج-الرد علي من
قال أن هناك بدعة حسنة في الدين.
2
- بعض النصوص الواردة
في كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم وأقوال بعض السلف في الحث علي الاتباع
وعدم الابتدع.
3- أسباب الوقوع في الابتداع ويندرج تحت هذا المبحث ثلاث نقاط:
أ-أنواع البدع .
ب- سبب ظهور النوع الأول من البدع– بدع الاعتقادات- وأمثلة له.
ج- سبب ظهور النوع الثاني من البدع– بدع العبادات- وأمثلة له.
ــــــــــــــــــــ
1- ابن القيم في
اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/39.
المبحث الأول :مفهوم
البدعة
البدعة لغة:
الحدث في الدين بعد
الإكمال، أو ما استحدث بعد النبي-صلي الله عليه وسلم-من الأهواء والأعمال([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ويقال: (ابتدعتُ الشيء، قولاً أو فعلاً إذا ابتدأته عن غير مثال سابق))
ومنه قوله تعالى:]بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [( البقرة :117 ، الأنعام :101).
وقال ابن فارس: "الباء والدال
والعين" أصلان لشيئين:
أحدهما:
ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق مثال، والله بديع السموات والأرض.
الثاني:
الانقطاع والكلال كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلت وعطبت(3).
وقال ابن السكيت: البدعة كلّ محدثة(4).
البدعة شرعًا:
اختلاف العلماء في تحديد معني البدعة شرعاً
فمنهم من عرفها علي إنها مخالفة للسنة ومذمومة شرعا ومنهم من وسع مفهومها فأطلق البدعة على كل محدثة لم توجد في كتاب الله
سبحانه وتعالى ولافي سنة رسوله صلى
الله عليه و سلم سواء كانتمحمودة أومذمومة .
وقدسار على أحد هذين القولين علماء أجلاء وكل منهم يقصد الوصول إلى الحق والصواب ونفصل هذاين القولين فيما
يلي :
القول الأول :
أن البدعةمخالفة للسنة ومذمومة شرعاً لأنها محدثة لا أصل لها
في الشرعوعلى هذا الإمام مالكوالبيهقيوالطرطوشي وشيخ الإسلام ابن تيمية والزركشي وابن رجب والشُّمَنِي
الحنفي والشاطبي وغيرهم .
قال
الشاطبي:البدعة هي طريقة
في الدين مخترعةتضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه
وهذا على رأي منلا يدخل العادات في معنىالبدعة وإنما
يخصها بالعبادات، وأما
على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول : ( البدعة طريقة في الدين
مخترعة تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) (1).
قال ابن رجب: "والمراد بالبدعة ما أحدِث مما
لا أصل له في الشريعة يدلّ عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس
ببدعة شرعًا وإن كان بدعة لغة "(2).
قال السيوطي: "البدعة عبارة عن فعلةٍ تصادم الشريعة بالمخالفة أو توجب
التعاطي عليها بزيادة أو نقصان"3.
قال ابن تيمية: "البدعة في الدين هي
ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر
به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من الدين الذي شرعه
الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى
الله عليه وسلم أو لم يكن"(4).
ــــــــــــــ
1-الاعتصام (1/37)
2-
جامع العلوم والحكم (ص 265).
3-
الأمر بالاتباع (ص 88).
4-
مجموع الفتاوى (4/ 107-108).
القول الثاني :
وهو أن البدعةتطلقعلى كل محدثة لم توجد في كتاب الله
سبحانه وتعالى ولافي سنة رسوله صلى
الله عليه و سلم سواء كانتمحمودة أومذمومة وقد قسم هؤلاء العلماء البدعة إلي حسنة وسيئة وعلي هذا
الأساس قسموا البدع إلي خمسة أقسام واجبة أو مندوبة أو
مباحة أو مكروهة أو محرمة.وهذا القول قال به العز ابن
عبد السلام وابن الجوزي وأبو شامة المقدسي والنوويوالعينيوابن
الأثير والقرافيوالحافظ ابن حجر
والسيوطي والغزالي وغيرهم.
واستدلوا علي وجود بدعة حسنة بحديث
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ
مُتَفَرِّقُونَ ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ
فَيُصَلِّي بِصَلاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ
هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ
عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى ، وَالنَّاسُ
يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قَارِئِهِمْ ، قَالَ عُمَرُ : نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ ،
وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ - يُرِيدُ آخِرَ
اللَّيْلِ - وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. رواه البخاري ( 1906 ).يقصد هنا البدعة اللغوية لا الشرعية؛ لأن البدعة شرعا ما ليس له أصل في الشرع يرجع
إليه ولكن صلاة التراويح في رمضان جماعة لها أصل في الدين.
مقارنة بين
المعني اللغوي والشرعي للبدعة:بعد التعرف علي المعني
اللغوي والشرعي للبدعة يتضح أن المعنى اللغوي للبدعة أعمّ منالمعنى الشرعي، فالعلاقة بينهما العموم والخصوص
المطلق؛ إذ كل بدعة في الشرع يطلقعليها لغة أنها بدعة، وليس كل ما يطلق عليه في
اللغة أنه بدعةٌ بدعةً فيالشرع.
والبدعة في الشرع ملازمة لصفة الضلالة؛ للحديث
الوارد: ((كل بدعةضلالة)) ، وأما البدعة بمعناها اللغوي فليست
كلها ملازمة لوصفالضلالة.
الرد علي من
قال أن هناك بدعة حسنة في الدين:
بعد النظر في قولي
العلماء يترجح القول الثاني وهو عدم وجود بدعة حسنة في الدين وأن كل البدع مذمومة
وللرد علي من قال أن هناك بدعة حسنة وعلي الشبهات الناتجة من هذا القول نقول
الأتي:
1- أنّ النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " كلّ محدثة
بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " (1)
وكذلك قوله كان صلى الله عليه وسلم يقول إِذَا خَطَبَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ
بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ .. " (2)
فإذا كانت كلّ بدعة ضلالة فكيف بقال بعد ذلك أنّ هناك في الإسلام بدعة حسنة
2-أنّه يلزم من إقرار البدعة الحسنة
اتهام النبي صلى الله
عليه وسلم بجهله بهذه البدعة الحسنة !! أو أنه قد علمها وكتمها
وغشّ الأمة فلم يبلّغها ،وكذلك أن أجر هذه البدعة
قد فات النبي ى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح حتى جاء هذا المبتدع ليكسبه ، مع
أنّه كان ينبغي عليه أن يقول في نفسه " لو كان خيرا لسبقونا إليه".
3-إن العمل بالبدع يؤدي
إلى إلغاء السنن والعكس صحيح .
بعض النصوص الواردة في كتاب الله وسنة نبيه-صلي الله عليه وسلم- وأقوال بعض
السلف في الحث علي الاتباع وعدم الابتدع :
النصوص من كتاب الله سبحانه وتعالى:
قال
الله تعالى: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ
ٱضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ} [المائدة: 3].
قال ابن عباس: (أخبر الله نبيه صلى الله
عليه وسلم والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه
الله فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه فلا يسخطه أبدًا)3.
2-
وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ
فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل
عمران: 31].
1-رواه النسائي في سننه :
صلاة العيدين : باب كيف الخطبة والشاهد من هذا الحديث مروي من طريق جابر رضي الله
عنه عند أحمد ومن طريق العرباض بن سارية عند أبي داود ومن طريق ابن مسعود رضي الله
عنه عند ابن ماجة .
2- رواه مسلم رقم
867.-
3-جامع
البيان (4/419).
3-
وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا
تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115].
4-
وقال تعالى: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا
فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ
وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
5-
وقال تعالى: {ٱتَّبِعُواْ
مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء
قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3].
6-
وقال تعالى: {وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء
فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم
بِـئَايَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ
ٱلأمّىَّ} [الأعراف: 156، 157].
7-
وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ
وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20].
8-
وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
9-
وقال تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ
فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ} [طه: 123].
10-
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
[النور: 63].
11-
وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ
بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ}
[القصص: 50].
12-
وقال تعالى: {وَٱتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ
إِلَيْكُم مّن رَّبّكُـمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً
وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55].
13-
وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ
هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ
تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
14-
وقال تعالى: {وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ} [الحشر: 7].
بعض النصوص من السنة النبوية:
1-
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وقد
تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله))1.
2-
عن أبي شريح الخزاعي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا وأبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول
الله؟!)) قالوا: نعم، قال: ((فإن هذا القرآن سببٌ
طرفُه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضلّوا ولن تهلكوا بعده
أبدًا))2.
3-
عن
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خطب: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر
الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))3.
4-
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات
يوم ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال
قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودّع فماذا تعهد إلينا؟ قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًا، فإنه
مَنْ يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين
الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثة
بدعة، وكل بدعة ضلالة))4.
بعض النصوص
المنقولة عن السلف الصالح وأتباعهم:
1- قال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: (إياكم وأصحاب الرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث
أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا)5.
2- وقال أيضا:(سيأتي
قوم يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله)6.
1-صحيح
مسلم: كتاب الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218)، ورواه أبو داود
(1905)، وابن ماجه (3074).
2-رواه ابن حبان في صحيحه (122)، وقال
الهيثمي في مجمع الزوائد (1/169): "رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال
الصحيح"، وقد صححه الألباني في صحيح الترغيب (1/93).
3-صحيح مسلم: كتاب الجمعة، باب: تخفيف
الصلاة (867).
4-رواه أحمد (4/126)، وأبو داود (5/13)،
والترمذي وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه (1/15)، والدارمي (1/57)، والحاكم
(1/95) وقال: "صحيح ليس له علة"، وقال الألباني: "سنده صحيح"،
ونقل تصحيحه عن الضياء المقدسي في مشكاة المصابيح (165).
5-سنن
الدارقطني: الوصايا (4/146)، وجامع بيان العلم (2/123)، وشرح اعتقاد أهل السنة
(1/123).
6-سنن الدرامي (1/49)، وجامع بيان العلم
(2/123)، وشرح اعتقاد أهل السنة (1/123)، والإبانة لابن بطة (1/250) وقال المحقق:
"إسناده صحيح".
3- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
(إنها ستكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتؤدة، فإن الرجل يكون تابعاً في الخير، خير
من أن يكون رأساً في الضلالة).1
4- وقال ابن مسعود أيضاً: (إنكم أصبحتم
على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول)2.
5- وقال أيضاً: (إياكم وما يحدث الناس
من البدع، فإن الدين لا يذهب من القلوب بمرّة، ولكن الشيطان يحدث له بدعاً، حتى
يخرج الإيمان من قلبه، ويوشك أن يدع الناس ما ألزمهم الله من فرضه في الصلاة
والصيام والحلال والحرام، ويتكلمون في ربهم عز وجل، فمن أدرك ذلك الزمان فليهرب)،
قيل: يا أبا عبد الرحمن، فإلى أين؟ قال: (إلى لا أين)، قال: (يهرب بقلبه ودينه، لا
يجالس أحداً من أهل البدع)3.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]- القاموس
المحيط، باب العين، فصل الدال، ص 906، ولسان العرب، 8/6، وفتاوى ابن تيمية،
35/414.
2- مقاييس اللغة لابن
فارس، ص 119.
3-مقاييس اللغة (1/209) .
4- لسان العرب (9/ 351).
عدل سابقا من قبل الداودي في الأربعاء 22 يونيو 2011 - 9:29 عدل 1 مرات