شرف
نسبه ، و كرم بلده و منشئه
و
أما شرف نسبه و كرم بلده و منشئه فمما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه ، و لا بيان
مشكل و لا خفي منه ، فإنه نخبة من بني هاشم ، و سلالة قريش و صميمها ، و أشرف
العرب ، و أعزهم نفراً من قبل أبيه و أمه ، و من أهل مكة من أكرم بلاد الله على
الله و على عباده .
حدثنا قاضي القضاة حسين بن محمد الصدفي رحمه الله ، قال : حدثنا القاضي أبو الوليد
سليمان بن خلف ، حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد ، حدثنا أبو محمد السرخسي ، و ابن إسحاق
، و أبو الهيثم : قالوا : حدثنا محمد بن يوسف ، قال حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال :
حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمرو ، عن سعيد
المقبري ، عن أبي هريرة ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : بعثت من خير
قرون بني آدم قرناً فقرنا ، حتى كنت من القرن الذي كنت منه .
و عن العباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : إن الله خلق الخلق فجعلني من
خيرهم ، من خير قرنهم ، ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة ، ثم تخير البيوت
فجعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفساً ، و خيرهم بيتاً .
و عن واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله اصطفى
من ولد إبراهيم إسماعيل ، و اصطفى من بني كنانة قريشاً و اصطفى من قريش بني هاشم ،
و اصطفاني من بني هاشم .
قال الترمذي : و هذا حديث صحيح .
و في حديث عن ابن عمر ، رواه الطبري أنه صلى الله عليه و سلم قال : إن الله اختار
خلقه ، فاختار منهم بني آدم ، ثم اختار بني آدم فاختار منهم العرب ، ثم اختار
العرب فاختار منهم قريشاً ، ثم اختار قريشاً فاختار منهم بني هاشم ، ثم اختار بني
هاشم فاختارني منهم ، فلم أزل خياراً من خيار ، ألا من أحب العرب فبحبي أحبهم ، و
من أبغض العرب فببغضي أبغضهم .
و عن ابن عباس : إن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألفي
عام ، يسبح ذلك النور ، و تسبح الملائكة بتسبيحه ، فلما خلق الله آدم ألقى ذلك
النور في صلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فأهبطني الله إلى الأرض في
صلب آدم ، و جعلني في صلب نوح ، و قذف بي في صلب ابراهيم ، ثم لم يزل الله تعالى
ينقلني من الأصلاب الكريمة و الأرحام الطاهرة ، حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا
على سفاح قط . و يشهد لصحة هذا الخبر شعر الع باس في مدح النبي صلى الله عليه و
سلم المشهور .