خلقه
في الوفاء و حسن العهد ، و صلة الرحم
و
أما خلقه صلى الله عليه و سلم في الوفاء و حسن العهد ، و صلة الرحم ـ فحدثنا
القاضي أبو عامر محمد بن اسماعيل بقراءتي عليه ، قال حدثنا أبو بكر محمد بن محمد ،
حدثنا أبو اسحاق الحبال ، حدثنا أبو محمد بن النحاس ، حدثنا ابن الأعرابي ، قال :
حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن سنان ؟ ، قال :
حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن بديل ، عن عبد الكريم بن عبد الله بن شفيق ، عن ابنه
، عن عبد الله بن أبي الحمساء ، قال : بايعت النبي صلى الله عليه و سلم ببيع قبل
أن يبعث ، و بقيت له بقية ، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ، فنسيت ، ثم ذكرت بعد
ثلاث ، فجئت فإذا هو في مكانه ، فقال : [ يا فتى ، لقد شققت علي ، أنا ها هنا منذ
ثلاث أنتظرك ] .
و عن أنس : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أتي بهدية قال : اذهبوا بها إلى بيت
فلانة ، فإنها كانت صديقة لخديجة ، إنها كانت تحب خديجة .
و عن عائشة قالت : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، لما كنت أسمعه يذكرها ، و
إن كان ليذبح الشاة فيهديها إلى خلائلها .
و استأذنت عليه أختها فارتاح إليها .
و دخلت عليه امرأة ، فهش لها ، و أحسن السؤال عنها ، فلما خرجت قال : إنها كانت
تأتينا أيام خديجة ، و إن حسن العهد من الإيمان .
و وصفه بعضهم ، فقال : كان يصل ذوي رحمه من غير أن يؤ ثرهم على من هو أفضل منهم .
و قال صلى الله عليه و سلم : إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء غير أن لهم رحماً
سأبلها ببلالها .
و قد صلى عليه السلام بأمانة ابنة ابنته يحملها على عاتقه ، فإذا سجد وضعها ، و
إذا قام حملها .
و عن أبي قتادة : وفد وفد للنجاشي ، فقام النبي يخدمهم ، فقال له أصحابه : نكفيك .
فقال : إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين ، و إني أحب أن أكافئهم .
و لما جيء بأخته من الرضاعة الشيماء في سبايا هوزان ، و تعرفت له بسط لها رداءه ،
و قال لها : إن أحببت أقمت عندي مكرمة محبة ، أو متعتك و رجعت إلى قومك فاختارت
قومها فمتعها .
و قال أبو الطفيل [ 41 ] : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم و أنا غلام إذا أقبلت
امرأة حتى دنت منه ، فبسط لها رداءه ، فجلست عليه ، فقلت : من هذه ؟ قالوا : أمه
التي أرضـعتـه .
و عن عمر بن السائب ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان جالساً يوما ً ، فأقبل
أبوه من الرضاعة ، فوضع له بعض ثوبه ، فقعد عليه ، ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه
من جانبه الآخر فجلست عليه ، ثم أقبل أخوه من الرضاعة ، فقام رسول الله صلى الله
عليه و سلم فأجلسه بين يديه .
[ و كان يبعث إلى ثويبة مولاة أبي لهب مرضعته بصلة و كسوة ، فلما ماتت سأل : من
بقي من قرابتها فقيل لا أحد ] .
وفي حديث خديجة رضي الله عنها أنها قالت له صلى الله عليه و سلم : أبشر ، فوالله
لا يحزنك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، و تحمل الكل ، و تكسب المعدوم ، و تقري الضيف
، و تعين على نوائب الحق .