خوفه
ربه ، و طاعته له ، و شدة عبادته
و
أما خوفه ربه ، و طاعته له ، و شدة عبادته ، فعلى قدر علمه بربه ، و لذلك قال فيما
حدثناه أبو محمد بن عتاب قراءة مني عليه . قال : حدثنا أبو القاسم الطرابلسي ،
حدثنا أبو الحسن القابسي ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا أبو عبد الله الفربري ،
حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ،
عن سعيد بن المسيب ـ أن أبا هريرة كان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً و لبكيتم كثيراً .
زاد في روايتنا ، عن أبي عيسى الترمذي ـ رفعه إلى أبي ذر : إني أرى ما لا ترون ، و
أسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء و حق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا و
ملك واضع جبهته ساجداً لله ، و الله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً و لبكيتم
كثيراً ، و ما تلذذتم بالنساء على الفرش ، و لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ،
لوددت أني شجرة تعضد .
روي هذا الكلام : وددت أني شجرة تعضد ـ من قول أبي ذر نفسه ، و هو أصح .
و في حديث المغيرة : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى انتفخت قدماه .
و في رواية : كان يصلى حتى ترم قدماه ، فقيل له : أتكلف هذا و قد غفر لك ما تقدم
من ذنبك و ما تأخر . قال : أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ .
و نحوه عن أبي سلمى و أبي هريرة .
و قالت عائشة : كان عمل رسول الله صلى الله عليه و سلم ديمة ، و أيكم يطيق [ 46 ]
ما كان يطيق ! .
و قالت : كان يصوم حتى نقول : لا يفطر . و يفطر حتى نقول : لا يصوم .
و نحوه عن ابن العباس ، و أم سلمى ، و أنس .
و قالت : كنت لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته مصليا ، و لا نائماً إلا
رأيته نائماً .
و قال عوف بن مالك : كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة فاستاك ثم توضأ ،
ثم قام يصلي ، فقمت معه ، فبدأ فاستفتح البقرة ، فلا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ،
و لا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ، ثم ركع ، فمكث بقدر قيامه ، يقول : سبحان ذي
الجبروت و الملكوت و العظمة ، ثم سجد و قال مثل ذلك ، ثم قرأ آل عمران ، ثم سورة
سورة ، يفعل مثل ذلك .
و عن حذيفة مثله ، و قال سجد نحواً من قيامه ، و جلس بين السجدتين نحواًمنه ، و
قال : حتى قرأ البقرة ، و آل عمران ، و النساء ، و المائدة .
و عن عائشة : قام رسول الله صلى الله عليه و س لم بأية من القرأن ليلة .
و عن عبد الله بن الشخير : أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يصلي ، و
لجوفه أزيز كأزيز المرجل .
و قال أبن أبي هالة : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم متواصل الأحزان ، دائم
الفكرة ، ليست له راحة .
فقال عليه السلام : إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة و روي سبعين مرة .
و عن علي رضي الله عنه ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن سنته ، فقال
: المعرفة رأسمالي ، و العقل أصل ديني ، و الحب أساسي ، و الشوق مركبي ، و ذكر
الله أنيسي ، و الثقة كنزي ، و الحزن رفيقي ، و العلم سلاحي ، و الصبر ردائي ، و
الرضا غنيمتي ، و العجز فخري ، و الزهد حرفتي ، و اليقين قوتي ، و الصدق شفيعي ، و
الطاعة حسبي ، و الجهاد خلقي ، و قرة عيني في الصلاة .
و في حديث آخر : و ثمرة فؤادي في ذكره ، و غمي لأجل أمتي ، و شوقي إلى ربي .