السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الجواب
هل من السنة أن يقول عند مفارقة صاحبه : لا إله إلا الله ؟
سؤال:
من العرف السائد بين بعض الناس
حين يجتمعون ثم يفترقون أن يقول الطرف الأول عند الافتراق : لا إله إلا
الله ، ثم يرد عليه الآخر : محمد رسول الله ، فهل هذا الأمر في السنة ؟
وإن لم يكن فهل هو بدعة ؟. الجواب:
الحمد لله أولا :
لا نعلم حديثا صحيحا أو ضعيفا
ينص على هذا الذكر عند الافتراق أو ختم المجلس ، ولهذا فالمداومة عليه أو
اعتقاد أنه ذكر مشروع في هذه المناسبة ، بدعة مردودة ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ
رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
وقد نص أهل العلم على أن تخصيص
العبادة بزمان أو مكان ، أو تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع
والمحدثات ، وتسمى حينئذ بدعة إضافية ، فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة
من حيث وصفها ، والعبادة لابد أن تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ،
ووقتها ، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع في كتابه أو على
لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . [/size]
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة
في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد
لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر
بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم
عيدا ، وما أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم
يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ،
وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .
وراجع جواب السؤال
المدرس يطلب منهم الصلاة على النبي 300 مرة قبل الدرس[/size]
سؤال:
أحضر درسا في تعلم أحكام التلاوة
.. إلا أن الشيخ يطلب من جميع الحاضرين أن " يصلوا على النبي عليه الصلاة
والسلام " 300 مرة ( سرا ) قبل البدء بالدرس .. ويقول إن الصلاة على النبي
سبب في القرب منه يوم القيامة وذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال
" أكثركم صلاة علي أقربكم مني يوم القيامة " فهل يجوز المشاركة معهم في
مثل ذلك ؟ وإلا فهل يجوز لي أن أسر بذكر آخر كالاستغفار ونحو ذلك ؟.
سؤال:
من العرف السائد بين بعض الناس
حين يجتمعون ثم يفترقون أن يقول الطرف الأول عند الافتراق : لا إله إلا
الله ، ثم يرد عليه الآخر : محمد رسول الله ، فهل هذا الأمر في السنة ؟
وإن لم يكن فهل هو بدعة ؟. الجواب:
الحمد لله أولا :
لا نعلم حديثا صحيحا أو ضعيفا
ينص على هذا الذكر عند الافتراق أو ختم المجلس ، ولهذا فالمداومة عليه أو
اعتقاد أنه ذكر مشروع في هذه المناسبة ، بدعة مردودة ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ
رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
وقد نص أهل العلم على أن تخصيص
العبادة بزمان أو مكان ، أو تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع
والمحدثات ، وتسمى حينئذ بدعة إضافية ، فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة
من حيث وصفها ، والعبادة لابد أن تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ،
ووقتها ، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع في كتابه أو على
لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . [/size]
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة
في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد
لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر
بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم
عيدا ، وما أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم
يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ،
وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .
وراجع جواب السؤال
المدرس يطلب منهم الصلاة على النبي 300 مرة قبل الدرس[/size]
سؤال:
أحضر درسا في تعلم أحكام التلاوة
.. إلا أن الشيخ يطلب من جميع الحاضرين أن " يصلوا على النبي عليه الصلاة
والسلام " 300 مرة ( سرا ) قبل البدء بالدرس .. ويقول إن الصلاة على النبي
سبب في القرب منه يوم القيامة وذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال
" أكثركم صلاة علي أقربكم مني يوم القيامة " فهل يجوز المشاركة معهم في
مثل ذلك ؟ وإلا فهل يجوز لي أن أسر بذكر آخر كالاستغفار ونحو ذلك ؟.
الجواب
:
[center]الحمد لله
التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد
قبل الدرس ، ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه ولا
التابعين لهم بإحسان ، وما كان كذلك فهو من البدع والمحدثات ، التي نهانا
عنها ، وحذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم :
( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواه الترمذي
(2600) و أبو داود (3991 ) وابن ماجة (42) وصححه الألباني في صحيح الجامع
(2549) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
ووجه كون هذا العمل من البدع
والمحدثات : أن العبادة لابد أن تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ، ووقتها
، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع في كتابه أو على لسان
رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والذكر قد يكون مشروعا في أصله ، لكن تصحبه كيفية ، أو تقييدٌ بمكانٍ ، أو زمانٍ ، أو عدد يُدخله في عداد المحدثات .
ويدل على ذلك ما رواه الدارمي (204) عن عمرو بن سلمة
قَالَ : كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَبْلَ صَلاةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى
الْمَسْجِد ،ِ فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَقَال : أَخَرَجَ
إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ ؟ قُلْنَا : لا . فَجَلَسَ
مَعَنَا حَتَّى خَرَج ،َ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا ،
فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ،ِ إِنِّي
رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا خَيْرًا ، قَال :َفَمَا هُوَ ؟ فَقَالَ إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاه .ُقَال :َرَأَيْتُ
فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلاةَ ، فِي
كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُل ،ٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى ، فَيَقُول :ُكَبِّرُوا مِائَة ،ً فَيُكَبِّرُونَ مِائَة ،ً فَيَقُول :ُهَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَة ،ً وَيَقُول :ُسَبِّحُوا مِائَة ،ً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً . قَال :َفَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ قَال :َمَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِك ،َ وَانْتِظَارَ أَمْرِك .َقَال :َأَفَلا
أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لا
يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى
أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِم ،ْ فَقَال :َمَا
هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ
وَالتَّسْبِيح .َقَال :َفَعُدُّوا
سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ
شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ !
هَؤُلاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ
تُكْسَرْ ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ،
إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ
مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلالَةٍ . قَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلا الْخَيْرَ . قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ
لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا
يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ
أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ
سَلَمَةَ رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ
النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ .
فتأمل هذا الموقف من أبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي
الله عنهما ، وانظر إنكارهما لهذه الكيفية التي لم يفعلها النبي صلى الله
عليه وسلم ولم يفعلها أصحابه ، وإن كان أصل الذكر مشروعاً ممدوحاً مرغباً
فيه .
وقد نبه أهل العلم على أن تخصيص العبادة بزمان أو مكان
، أو تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع والمحدثات ، وتسمى حينئذ
بدعة إضافية ، فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة من حيث وصفها .
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة
في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد
لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات
والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم
ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة
، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام
يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة من أجلّ
العبادات ، وقربة من أعظم القربات ، لكن التزامها قبل كل درس للتلاوة ،
وبهذا العدد المخصوص ، أمر لم يرد ، فكان بدعة محدثة ، ولو كان صاحبها
يريد الخير ، فكم من مريد للخير لا يصيبه ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه .
والواجب نصح هذا المعلم وبيان أن ما يفعله ليس من السنة ، بل بدعة
، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن لم يستجب وأمكن تعلم التلاوة على غيره من
أهل الاتباع ، فإنه يترك زجرا له ، وحذرا من تسرب البدعة إلى قلب الدارس
على يديه .
رزقنا الله وإياكم حب السنة ، والدفاع عنه ، وحب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأطهار الأخيار
ثانيا :
يشرع في ختام المجلس أن يقال ما رواه أبو داود (4859)
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَنْ
يَقُومَ مِنْ الْمَجْلِسِ : ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ،
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
) وَقَالَ : ( كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ ) وصححه الألباني
في صحيح أبي داود .
كما يشرع للمتلاقيين أن يقرأ أحدهما عند الانصراف سورة
العصر ؛ لما روى الطبراني في الأوسط (5124) عن أبي مدينة الدارمي رضي الله
عنه وكانت له صحبه قال : ( كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر : ( والعصر إن الإنسان
لفي خسر ) ثم يسلم أحدهما على الآخر) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"
برقم 2648 .
فانظر كيف أعرض الناس عن السنة
الثابتة ، لأجل ما أحدثوا من البدع ، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : (ما أحدث قوم بدعة إلا رُفع من السنة مثلها ) رواه أحمد (16522) .
وقال الحافظ في "الفتح" (13/253) : إسناده جيد .
رزقنا الله وإياك اتباع السنة واجتناب البدعة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
[center]الحمد لله
التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد
قبل الدرس ، ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه ولا
التابعين لهم بإحسان ، وما كان كذلك فهو من البدع والمحدثات ، التي نهانا
عنها ، وحذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم :
( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواه الترمذي
(2600) و أبو داود (3991 ) وابن ماجة (42) وصححه الألباني في صحيح الجامع
(2549) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
ووجه كون هذا العمل من البدع
والمحدثات : أن العبادة لابد أن تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ، ووقتها
، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع في كتابه أو على لسان
رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والذكر قد يكون مشروعا في أصله ، لكن تصحبه كيفية ، أو تقييدٌ بمكانٍ ، أو زمانٍ ، أو عدد يُدخله في عداد المحدثات .
ويدل على ذلك ما رواه الدارمي (204) عن عمرو بن سلمة
قَالَ : كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَبْلَ صَلاةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى
الْمَسْجِد ،ِ فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَقَال : أَخَرَجَ
إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ ؟ قُلْنَا : لا . فَجَلَسَ
مَعَنَا حَتَّى خَرَج ،َ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا ،
فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ،ِ إِنِّي
رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا خَيْرًا ، قَال :َفَمَا هُوَ ؟ فَقَالَ إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاه .ُقَال :َرَأَيْتُ
فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلاةَ ، فِي
كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُل ،ٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى ، فَيَقُول :ُكَبِّرُوا مِائَة ،ً فَيُكَبِّرُونَ مِائَة ،ً فَيَقُول :ُهَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَة ،ً وَيَقُول :ُسَبِّحُوا مِائَة ،ً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً . قَال :َفَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ قَال :َمَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِك ،َ وَانْتِظَارَ أَمْرِك .َقَال :َأَفَلا
أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لا
يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى
أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِم ،ْ فَقَال :َمَا
هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ
وَالتَّسْبِيح .َقَال :َفَعُدُّوا
سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ
شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ !
هَؤُلاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ
تُكْسَرْ ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ،
إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ
مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلالَةٍ . قَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلا الْخَيْرَ . قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ
لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا
يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ
أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ
سَلَمَةَ رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ
النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ .
فتأمل هذا الموقف من أبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي
الله عنهما ، وانظر إنكارهما لهذه الكيفية التي لم يفعلها النبي صلى الله
عليه وسلم ولم يفعلها أصحابه ، وإن كان أصل الذكر مشروعاً ممدوحاً مرغباً
فيه .
وقد نبه أهل العلم على أن تخصيص العبادة بزمان أو مكان
، أو تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع والمحدثات ، وتسمى حينئذ
بدعة إضافية ، فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة من حيث وصفها .
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة
في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد
لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات
والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم
ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة
، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام
يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة من أجلّ
العبادات ، وقربة من أعظم القربات ، لكن التزامها قبل كل درس للتلاوة ،
وبهذا العدد المخصوص ، أمر لم يرد ، فكان بدعة محدثة ، ولو كان صاحبها
يريد الخير ، فكم من مريد للخير لا يصيبه ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه .
والواجب نصح هذا المعلم وبيان أن ما يفعله ليس من السنة ، بل بدعة
، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن لم يستجب وأمكن تعلم التلاوة على غيره من
أهل الاتباع ، فإنه يترك زجرا له ، وحذرا من تسرب البدعة إلى قلب الدارس
على يديه .
رزقنا الله وإياكم حب السنة ، والدفاع عنه ، وحب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأطهار الأخيار
ثانيا :
يشرع في ختام المجلس أن يقال ما رواه أبو داود (4859)
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَنْ
يَقُومَ مِنْ الْمَجْلِسِ : ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ،
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
) وَقَالَ : ( كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ ) وصححه الألباني
في صحيح أبي داود .
كما يشرع للمتلاقيين أن يقرأ أحدهما عند الانصراف سورة
العصر ؛ لما روى الطبراني في الأوسط (5124) عن أبي مدينة الدارمي رضي الله
عنه وكانت له صحبه قال : ( كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر : ( والعصر إن الإنسان
لفي خسر ) ثم يسلم أحدهما على الآخر) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"
برقم 2648 .
فانظر كيف أعرض الناس عن السنة
الثابتة ، لأجل ما أحدثوا من البدع ، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : (ما أحدث قوم بدعة إلا رُفع من السنة مثلها ) رواه أحمد (16522) .
وقال الحافظ في "الفتح" (13/253) : إسناده جيد .
رزقنا الله وإياك اتباع السنة واجتناب البدعة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
والله اسأل ان ينفعنى واياكم به :::