المرض
:
نوعان : مرض القلوب ، ومرض الأبدان ، وهما مذكوران في القرآن .
ومرض القلوب : نوعان :
مرض شبهة وشك ، ومرض شهوة وغي ، وكلاهما في القرآن . قال تعالى في
مرض الشبهة : " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا " [ البقرة : 110 ]
وقال تعالى : " وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد
الله بهذا مثلا " [ المدثر : 31 ] وقال تعالى في حق من دعي إلى
تحكيم القرآن والسنة ، فأبى وأعرض : " وإذا دعوا إلى الله ورسوله
ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه
مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم
ورسوله بل أولئك هم الظالمون " [ النور : 48 و 49 ] فهذا مرض
الشبهات والشكوك .
وأما مرض الشهوات ،
فقال تعالى : " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا
تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " [ الأحزاب : 32 ] . فهذا
مرض شهوة الزنى ، والله أعلم .
فصل
وأما مرض الأبدان ،
فقال تعالى : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على
المريض حرج " [ النور : 61 ] ، وذكر مرض البدن في الحج والصوم
والوضوء لسر بديع يبين لك عظمة القرآن ، والإستغناء به لمن فهمه
وعقله عن سواه ، وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة : حفظ الصحة ،
والحمية عن المؤذي ، واستفراغ المواد الفاسدة ، فذكر سبحانه هذه
الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة .
فقال في آية الصوم : " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام
أخر " [ البقرة : 184 ] ، فأباح الفطر للمريض لعذر المرض ،
وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر
لاجتماع شدة الحركة ، وما يوجبه من التحليل ، وعدم الغذاء الذي
يخلف ما تحلل ، فتخور القوة ، وتضعف ، فأباح للمسافر الفطر حفظاً
لصحته وقوته عما يضعفها .
وقال في آية الحج : " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية
من صيام أو صدقة أو نسك " [ البقرة : 196 ) ، فأباح للمريض ، ومن
به أذى من رأسه ، من قمل ، أو حكة ، أو غيرهما ، أن يحلق رأسه في
الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في
رأسه باحتقانها تحت الشعر ، فإذا حلق رأسه ، تفتحت المسام ، فخرجت
تلك الأبخرة منها ، فهذا الإستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي
انحباسه .
والأشياء التي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرة : الدم إذا هاج ،
والمني إذا تبيغ ، والبول ، والغائط ، والريح ، والقئ ، والعطاس ،
والنوم ، والجوع ، والعطش . وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء
من الأدواء بحسبه .
وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها ، وهو البخار المحتقن في الرأس على
استفراغ ما هو أصعب منه ، كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على
الأعلى .
وأما الحمية : فقال تعالى في آية الوضوء : " وإن كنتم مرضى أو على
سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء
فتيمموا صعيدا طيبا " [ النساء : 43 ) ، فأباح للمريض العدول عن
الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه ، وهذا تنبيه على
الحمية عن كل مؤذ له من داخل أو خارج ، فقد أرشد - سبحانه - عباده
إلى أصول الطب ومجامع قواعده ، ونحن نذكر هدي رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ذلك ، ونبين أن هديه فيه أكمل هدي .
فأما طب القلوب ، فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، ولا
سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم ، فإن صلاح القلوب أن
تكون عارفة بربها ، وفاطرها ، وبأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ،
وأحكامه ، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابه ، متجنبة لمناهيه ومساخطه
، ولا صحة لها ولا حياة البتة إلا بذلك ، ولا سبيل إلى تلقيه إلا
من جهة الرسل ، وما يظن من حصول صحة
القلب بدون اتباعهم ، فغلط ممن يظن ذلك ، وإنما ذلك حياة نفسه
البهيمية الشهوانية ، وصحتها وقوتها ، وحياة قلبه وصحته ، وقوته عن
ذلك بمعزل ، ومن لم يميز بين هذا وهذا ، فليبك على حياة قلبه ،
فإنه من الأموات ، وعلى نوره ، فإنه منغمس في بحار الظلمات .
:
نوعان : مرض القلوب ، ومرض الأبدان ، وهما مذكوران في القرآن .
ومرض القلوب : نوعان :
مرض شبهة وشك ، ومرض شهوة وغي ، وكلاهما في القرآن . قال تعالى في
مرض الشبهة : " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا " [ البقرة : 110 ]
وقال تعالى : " وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد
الله بهذا مثلا " [ المدثر : 31 ] وقال تعالى في حق من دعي إلى
تحكيم القرآن والسنة ، فأبى وأعرض : " وإذا دعوا إلى الله ورسوله
ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه
مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم
ورسوله بل أولئك هم الظالمون " [ النور : 48 و 49 ] فهذا مرض
الشبهات والشكوك .
وأما مرض الشهوات ،
فقال تعالى : " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا
تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " [ الأحزاب : 32 ] . فهذا
مرض شهوة الزنى ، والله أعلم .
فصل
وأما مرض الأبدان ،
فقال تعالى : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على
المريض حرج " [ النور : 61 ] ، وذكر مرض البدن في الحج والصوم
والوضوء لسر بديع يبين لك عظمة القرآن ، والإستغناء به لمن فهمه
وعقله عن سواه ، وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة : حفظ الصحة ،
والحمية عن المؤذي ، واستفراغ المواد الفاسدة ، فذكر سبحانه هذه
الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة .
فقال في آية الصوم : " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام
أخر " [ البقرة : 184 ] ، فأباح الفطر للمريض لعذر المرض ،
وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر
لاجتماع شدة الحركة ، وما يوجبه من التحليل ، وعدم الغذاء الذي
يخلف ما تحلل ، فتخور القوة ، وتضعف ، فأباح للمسافر الفطر حفظاً
لصحته وقوته عما يضعفها .
وقال في آية الحج : " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية
من صيام أو صدقة أو نسك " [ البقرة : 196 ) ، فأباح للمريض ، ومن
به أذى من رأسه ، من قمل ، أو حكة ، أو غيرهما ، أن يحلق رأسه في
الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في
رأسه باحتقانها تحت الشعر ، فإذا حلق رأسه ، تفتحت المسام ، فخرجت
تلك الأبخرة منها ، فهذا الإستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي
انحباسه .
والأشياء التي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرة : الدم إذا هاج ،
والمني إذا تبيغ ، والبول ، والغائط ، والريح ، والقئ ، والعطاس ،
والنوم ، والجوع ، والعطش . وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء
من الأدواء بحسبه .
وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها ، وهو البخار المحتقن في الرأس على
استفراغ ما هو أصعب منه ، كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على
الأعلى .
وأما الحمية : فقال تعالى في آية الوضوء : " وإن كنتم مرضى أو على
سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء
فتيمموا صعيدا طيبا " [ النساء : 43 ) ، فأباح للمريض العدول عن
الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه ، وهذا تنبيه على
الحمية عن كل مؤذ له من داخل أو خارج ، فقد أرشد - سبحانه - عباده
إلى أصول الطب ومجامع قواعده ، ونحن نذكر هدي رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ذلك ، ونبين أن هديه فيه أكمل هدي .
فأما طب القلوب ، فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، ولا
سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم ، فإن صلاح القلوب أن
تكون عارفة بربها ، وفاطرها ، وبأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ،
وأحكامه ، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابه ، متجنبة لمناهيه ومساخطه
، ولا صحة لها ولا حياة البتة إلا بذلك ، ولا سبيل إلى تلقيه إلا
من جهة الرسل ، وما يظن من حصول صحة
القلب بدون اتباعهم ، فغلط ممن يظن ذلك ، وإنما ذلك حياة نفسه
البهيمية الشهوانية ، وصحتها وقوتها ، وحياة قلبه وصحته ، وقوته عن
ذلك بمعزل ، ومن لم يميز بين هذا وهذا ، فليبك على حياة قلبه ،
فإنه من الأموات ، وعلى نوره ، فإنه منغمس في بحار الظلمات .